اللمعة الرابعة عشرة

  ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﻣﻘﺎﻣﻴﻦ

  ﺍﻟﻤﻘﺎﻡ ﺍﻷﻭﻝ

  ﺟﻮﺍﺏ ﻋﻦ ﺳﺆﺍﻟﻴﻦ

 ﺑِﺎﺳْﻤِﻪِ ﺳُﺒْﺤَﺎﻧَﻪُ

 ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾

  ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻭﺭﺣﻤﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺑﺮﻛﺎﺗﻪ.

ﺃﺧﻲ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ ﺍﻟﻮﻓﻲ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺭﺃﻓﺖ!

ﺇﻥ ﻣﺎ ﺳﺄﻟﺘﻤﻮﻩ ﻣﻦ ﺳﺆﺍﻝ ﺣﻮﻝ «ﺍﻟﺜﻮﺭ ﻭﺍﻟﺤﻮﺕ» ﻗﺪ ﻭﺭﺩ ﺟﻮﺍﺑﻪ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺮﺳﺎﺋﻞ. ﻭﻗﺪ ﺑُﻴّﻨﺖ ﻓﻲ «ﺍﻟﻐﺼﻦ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ» ﺍﺛﻨﺘﺎ ﻋﺸﺮﺓ ﻗﺎﻋﺪﺓ ﻣﻬﻤﺔ ﺿﻤﻦ ﺍﺛﻨﻲ ﻋﺸﺮ ﺃﺻﻼ ﺣﻮﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺌﻠﺔ، ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻘﻮﺍﻋﺪ ﺗﻤﺜﻞ ﺃُﺳﺴﺎً ﻣﻬﻤﺔً ﻟﺪﻓﻊ ﺍﻟﺸﺒﻬﺎﺕ ﻭﺍﻷﻭﻫﺎﻡ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺚ ﺍﻟﺸﺮﻳﻔﺔ، ﻓﻜﻞ ﻗﺎﻋﺪﺓ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺤﻚٌّ ﺟﻴﺪ ﻟﺒﻴﺎﻥ ﺍﻟﺘﺄﻭﻳﻼﺕ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﺣﻮﻝ ﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺚ ﺍﻟﻨﺒﻮﻳﺔ.

ﺃﺧﻲ! ﺇﻧﻨﻲ ﻻ ﺃﻧﺸﻐﻞ ﺇﻟّﺎ ﺑﺎﻟﺴﻮﺍﻧﺢ ﺍﻟﻘﻠﺒﻴﺔ، ﻓﻬﻨﺎﻙ ﺣﺎﻻﺕ ﻃﺎﺭﺋﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺤﺎﺿﺮ ﺗﺤﻮﻝ -ﻣﻊ ﺍﻷﺳﻒ- ﺩﻭﻥ ﺍﺷﺘﻐﺎﻟﻲ ﺑﺎﻟﻤﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ؛ ﻟﺬﻟﻚ ﻻ ﺃﺳﺘﻄﻴﻊ ﺍﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻦ ﺳﺆﺍﻟﻜﻢ ﺑﺠﻮﺍﺏ ﺷﺎﻑٍ، ﻭﺇﻥْ ﻭَﻓّﻖ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻓﺘﺢ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺳﻮﺍﻧﺢ ﻗﻠﺒﻴﺔ ﺃﺿﻄﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﻧﺸﻐﺎﻝ ﺑﻬﺎ. ﻭﺭﺑﻤﺎ ﻳُﺠﺎﺏ ﻋﻦ ﺃﺳﺌﻠﺔٍ ﻟﺘﻮﺍﻓﻘﻬﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﺴﻮﺍﻧﺢ، ﻓﻼ ﺗﺘﻀﺎﻳﻘﻮﺍ، ﺇﺫ ﻻ ﺃﺳﺘﻄﻴﻊ ﺍﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻦ ﻛﻞٍّ ﻣﻦ ﺃﺳﺌﻠﺘﻜﻢ ﺇﺟﺎﺑﺔ ﻭﺍﻓﻴﺔ. ﻓﻸﺟِﺐ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺓ ﻋﻦ ﺳﺆﺍﻟﻜﻢ.

ﺗﺬﻛﺮﻭﻥ ﻳﺎ ﺃﺧﻲ ﻓﻲ ﺳﺆﺍﻟﻜﻢ: ﺃﻥَّ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ: ﺍﻷﺭﺽُ ﺗﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻮﺕ ﻭﺍﻟﺜﻮﺭ، ﻋﻠﻤﺎً ﺃﻥ ﺍﻟﺠﻐﺮﺍﻓﻴﺔ ﺗﺮﺍﻫﺎ ﻛﻮﻛﺒﺎً ﻣﻌﻠﻘﺎً ﻳﺪﻭﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻛﺄﻱ ﻛﻮﻛﺐ ﺁﺧﺮ، ﻓﻼ ﺛﻮﺭ ﻭﻻ ﺣﻮﺕ.

  ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ: ﻫﻨﺎﻙ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺻﺤﻴﺤﺔ ﺗُﺴﻨﺪ ﺇﻟﻰ ﺍﺑﻦ ﻋﺒﺎﺱ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ، ﺗﻘﻮﻝ: ﺳُﺌﻞ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ صلى الله عليه وسلم: ﻋﻠﻰ ﺃﻱ ﺷﻲﺀ ﺗﻘﻮﻡ ﺍﻷﺭﺽ؟. ﺃﺟﺎﺏ: ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺜﻮﺭ ﻭﺍﻟﺤﻮﺕ. ﻭﻓﻲ ﺭﻭﺍﻳﺔ ﺃﺧﺮﻯ، ﻗﺎﻝ ﻣﺮﺓ: ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺜﻮﺭ ﻭﻣﺮﺓ: ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻮﺕ. ﻭﻟﻜﻦ ﻋﺪﺩﺍً ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺤﺪّﺛﻴﻦ ﻃﺒﻘﻮﺍ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﻜﺎﻳﺎﺕ ﺧﺮﺍﻓﻴﺔ ﻭﻗﺪﻳﻤﺔ ﻭﺭﺩﺕ ﻋﻦ ﺍﻹﺳﺮﺍﺋﻴﻠﻴﺎﺕ، ﻭﻻﺳﻴﻤﺎ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺑﻨﻲ ﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻞ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺃﺳﻠﻤﻮﺍ، ﻓﻬﺆﻻﺀ ﻏﻴَّﺮﻭﺍ ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻭﺣﻮّﻟﻮﻩ ﺇﻟﻰ ﻣﻌﻨﻰً ﻋﺠﻴﺐ ﻏﺮﻳﺐ ﺟﺪﺍً، ﺣﻴﺚ ﻃﺒﻘﻮﺍ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺷﺎﻫﺪﻭﻩ ﻣﻦ ﺣﻜﺎﻳﺎﺕ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺜﻮﺭ ﻭﺍﻟﺤﻮﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ.

ﻭﻧﺤﻦ ﻫﻨﺎ ﻧﺸﻴﺮ ﺑﺎﺧﺘﺼﺎﺭ ﺷﺪﻳﺪ ﺇﻟﻰ «ﺛﻼﺛﺔ ﺃﺳﺲ» ﻭ«ﺛﻼﺛﺔ ﻭﺟﻮﻩ» ﻟﺪﻯ ﺍﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻦ ﺳﺆﺍﻟﻜﻢ:

ﺍﻷﺳﺎﺱ ﺍﻷﻭﻝ: ﻟﻘﺪ ﺣﻤﻞ ﻗﺴﻢٌ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺑﻨﻲ ﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻞ ﺑﻌﺪ ﺇﺳﻼﻣﻬﻢ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎﺗِﻬﻢ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻣﻌﻬﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﺳﻼﻡ، ﻓﺄﺻﺒﺤﺖ ﻣُﻠﻚَ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺃﻱ ﺿﻤﻦ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻑ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ . ﻋﻠﻤﺎً ﺃﻥ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎﺗِﻬﻢ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﺗﺤﻮﻱ ﺃﺧﻄﺎﺀً. ﻓﺘﻠﻚ ﺍﻷﺧﻄﺎﺀُ ﺑﻼ ﺷﻚ ﺗﻌﻮﺩ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﻻ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﺳﻼﻡ.

  ﺍﻷﺳﺎﺱ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ: ﺇﻥ ﺍﻟﺘﺸﺒﻴﻬﺎﺕ ﻭﺍﻟﺘﻤﺜﻴﻼﺕ ﻛﻠﻤﺎ ﺍﻧﺘﻘﻠﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻮﺍﺹ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻮﺍﻡ، ﺃﻱ ﻛﻠﻤﺎ ﺳَﺮﺕ ﻣﻦ ﻳﺪ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺇﻟﻰ ﻳﺪ ﺍﻟﺠﻬﻞ ﻋُﺪّﺕ ﺣﻘﺎﺋﻖَ ﻣﻠﻤﻮﺳﺔ ﺑﻤﺮﻭﺭ ﺍﻟﺰﻣﻦ، ﺃﻱ ﻛﺄﻧﻬﺎ ﺣﻘﺎﺋﻖٌ ﻭﺍﻗﻌﺔ ﻭﻟﻴﺴﺖ ﺗﺸﺒﻴﻬﺎﺕ.

  ﻓﻤﺜﻼ: ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻛﻨﺖ ﺻﺒﻴﺎً ﺧُﺴﻒ ﺍﻟﻘﻤﺮ، ﻓﺴﺄﻟﺖ ﻭﺍﻟﺪﺗﻲ: ﻣﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﺪﺙ ﻟﻠﻘﻤﺮ؟. ﻗﺎﻟﺖ: ﺍﺑﺘﻠﻌﺘﻪ ﺍﻟﺤﻴﺔُ!. ﻗﻠﺖ: ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻳﺘﺒﻴﻦ! ﻗﺎﻟﺖ: ﺇﻥ ﺍﻟﺤﻴَّﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﺷﻔﺎﻓﺔ ﻛﺎﻟﺰﺟﺎﺝ ﺗﺸﻒّ ﻋﻤﺎ ﻓﻲ ﺑﻄﻨﻬﺎ. ﻛﻨﺖ ﺃﺗﺬﻛﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﺩﺛﺔ ﻛﺜﻴﺮﺍً ﻭﺃﺳﺎﺋﻞ ﻧﻔﺴﻲ: ﻛﻴﻒ ﺗﺪﻭﺭ ﺧﺮﺍﻓﺔٌ ﺑﻌﻴﺪﺓ ﻋﻦ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﺭﺟﺔ ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎﻥ ﻭﺍﻟﺪﺗﻲ ﺍﻟﺤﺼﻴﻔﺔ ﺍﻟﺠﺎﺩﺓ ﻓﻲ ﻛﻼﻣﻬﺎ؟.

ﻭﻟﻜﻦ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻃﺎﻟﻌﺖ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻔﻠﻚ ﺭﺃﻳﺖ ﺃﻥ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﻛﻤﺎ ﺗﻘﻮﻝ ﻭﺍﻟﺪﺗﻲ، ﻗﺪ ﺗﻠﻘّﻮﺍ ﺍﻟﺘﺸﺒﻴﻪ ﻛﺤﻘﻴﻘﺔ ﻭﺍﻗﻌﻴﺔ؛ ﻷﻥ ﺍﻟﻔﻠﻜﻴﻴﻦ ﺷﺒﻬﻮﺍ ﺍﻟﻘﻮﺳَﻴﻦ ﺍﻟﻨﺎﺷﺌﻴﻦ ﻣﻦ ﺗﺪﺍﺧﻞ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺍﻟﺸﻤﺲ، ﻭﻫﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﺒﺮﻭﺝ ﻭﻣﺪﺍﺭُ ﺩﺭﺟﺎﺗﻬﺎ، ﻣﻊ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺍﻟﻘﻤﺮ ﻭﻫﻲ ﻣﻴﻞُ ﺍﻟﻘﻤﺮ ﻭﻣﺪﺍﺭ ﻣﻨﺎﺯﻟﻪ، ﺷﺒﻬﻮﻫﻤﺎ ﺗﺸﺒﻴﻬﺎً ﻟﻄﻴﻔﺎً ﺑﺤﻴّﺘﻴﻦ ﺿﺨﻤﺘﻴﻦ، ﻭﺳﻤﻮﻫﻤﺎ ﺗﻨﻴﻨَﻴﻦ، ﻭﺃﻃﻠﻘﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺇﺣﺪﻯ ﻧﻘﻄﺘﻲ ﺗﻘﺎﻃﻊ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺪﺍﺋﺮﺗﻴﻦ ﺍﻟﺮﺃﺱ ﻭﺍﻷﺧﺮﻯ ﺍﻟﺬﻧﺐ . ﻓﺤﻴﻨﻤﺎ ﻳﺒﻠﻎ ﺍﻟﻘﻤﺮُ «ﺍﻟﺮﺃﺱ» ﻭﺍﻟﺸﻤﺲ «ﺍﻟﺬﻧﺐ» ﺗﺤﺼﻞ ﺣﻴﻠﻮﻟﺔ ﺍﻷﺭﺽ -ﻛﻤﺎ ﻳﺼﻄﻠﺢ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻔﻠﻜﻴﻮﻥ- ﺃﻱ ﺗﻘﻊ ﺍﻷﺭﺽُ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺗﻤﺎﻣﺎً، ﻭﻋﻨﺪﻫﺎ ﻳُﺨﺴﻒ ﺍﻟﻘﻤﺮ. ﺃﻱ ﻛﺄﻥ ﺍﻟﻘﻤﺮ ﻳﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﻓﻢ ﺍﻟﺘﻨﻴﻦ، ﺣﺴﺐ ﺍﻟﺘﺸﺒﻴﻪ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ.

ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺳﺮﻯ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺸﺒﻴﻪُ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﺍﻟﺮﺍﻗﻲ ﺑﻤﺮﻭﺭ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﺇﻟﻰ ﻛﻼﻡ ﺍﻟﻌﻮﺍﻡ ﻏﺪﺍ ﺍﻟﺘﺸﺒﻴﻪ ﺗﻨﻴﻨﺎً ﻋﻈﻴﻤﺎً ﻣﺠﺴﻤﺎً ﻳﺒﺘﻠﻊ ﺍﻟﻘﻤﺮَ!.

ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﻤَﻠَﻜﺎﻥ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺎﻥ ﺍﻟﻤﺴﻤّﻴﺎﻥ ﺑﺎﻟﺜﻮﺭ ﻭﺍﻟﺤﻮﺕ، ﻗﺪ ﺃُﻃﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ﻫﺬﺍﻥ ﺍﻻﺳﻤﺎﻥ ﻓﻲ ﺗﺸﺒﻴﻪ ﻟﻄﻴﻒ ﺳﺎﻡٍ، ﻭﻓﻲ ﺇﺷﺎﺭﺓ ﺫﺍﺕ ﻣﻐﺰﻯ. ﻭﻟﻜﻦ ﻟﻤﺎ ﺍﻧﺘﻘﻞ ﺍﻟﺘﺸﺒﻴﻪُ ﺍﻟﻠﻄﻴﻒ، ﻣﻦ ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ ﺍﻟﺒﻠﻴﻎ ﺍﻟﺴﺎﻣﻲ ﺇﻟﻰ ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﻮﺍﻡ، ﺑﻤﺮﻭﺭ ﺍﻟﺰﻣﻦ، ﺍﻧﻘﻠﺐ ﺍﻟﺘﺸﺒﻴﻪُ ﺇﻟﻰ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻭﺍﻗﻌﺔ، ﻓﺎﺗﺨﺬ ﺍﻟﻤَﻠﻜﺎﻥ ﺻﻮﺭﺓَ ﺛﻮﺭٍ ﺿﺨﻢ ﻭﺣﻮﺕٍ ﻫﺎﺋﻞ.

  ﺍﻷﺳﺎﺱ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ: ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﻟﻠﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻣﺘﺸﺎﺑﻬﺎﺕٍ، ﻳﺮﺷﺪ ﺍﻟﻤﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﺪﻗﻴﻘﺔ ﺍﻟﻌﻤﻴﻘﺔ ﻟﻠﻌﻮﺍﻡ ﺑﺎﻟﺘﺸﺒﻴﻪ ﻭﺍﻟﺘﻤﺜﻴﻞ، ﻛﺬﻟﻚ ﻟﻠﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ ﻣﺘﺸﺎﺑﻬﺎﺕٌ ﻳﻌﺒّﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﺍﻟﻮﺍﺳﻌﺔ ﺑﺘﺸﺒﻴﻬﺎﺕٍ ﻣﺄﻧﻮﺳﺔ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﻌﻮﺍﻡ. ﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﻣﺎ ﺫﻛﺮﻧﺎﻩ ﻓﻲ ﺭﺳﺎﺋﻞ ﺃﺧﺮﻯ:

ﺃﻧﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺳُﻤﻊ ﺩﻭﻱّ ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺲ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ صلى الله عليه وسلم ﻗﺎﻝ: «ﻫﺬﺍ ﺣﺠﺮ ﻳﺘﺪﺣﺮﺝ ﻣﻨﺬ ﺳﺒﻌﻴﻦ ﺳﻨﺔ ﻓﻲ ﺟﻬﻨﻢ ﻓﺎﻵﻥ ﺣﻴﻦ ﻭﺻﻞ ﺇﻟﻰ ﻗﻌﺮﻫﺎ». ﻭﺑﻌﺪ ﻣﻀﻲ ﺩﻗﺎﺋﻖ ﺟﺎﺀ ﺃﺣﺪﻫﻢ ﻭﻗﺎﻝ: «ﺇﻥ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﻖ ﺍﻟﻔﻼﻧﻲ ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺒﻠﻎ ﺳﺒﻌﻴﻦ ﺳﻨﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﺮ ﻗﺪ ﻣﺎﺕ». ﻓﺄﻋﻠﻦ ﻋﻦ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﺔ ﺑﺎﻟﺘﺸﺒﻴﻪ ﺍﻟﺒﻠﻴﻎ ﺍﻟﺬﻱ ﺫﻛﺮﻩ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ صلى الله عليه وسلم.

ﺃﻣﺎ ﻋﻦ ﺳﺆﺍﻟﻚ ﻳﺎ ﺃﺧﻲ ﻓﺴﻨﺬﻛﺮ ﻟﻪ ﺛﻼﺛﺔ ﻭﺟﻮﻩ:

  ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻷﻭﻝ: ﺃﻥَّ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻗﺪ ﻋﻴﻦ ﺃﺭﺑﻌﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ ﺍﻟﻌﻈﺎﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺮﺵ ﻭﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﻟﻺﺷﺮﺍﻑ ﻋﻠﻰ ﺳﻠﻄﻨﺔ ﺭﺑﻮﺑﻴﺘﻪ. ﺍﺳﻢ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﺍﻟﻨﺴﺮ ﻭﺍﺳﻢ ﺁﺧﺮ «ﺍﻟﺜﻮﺭ».

ﺃﻣﺎ ﺍﻷﺭﺽ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺷﻘﻴﻘﺔٌ ﺻﻐﻴﺮﺓ ﻟﻠﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﻭﺭﻓﻴﻘﺔٌ ﺃﻣﻴﻨﺔ ﻟﻠﺴﻴﺎﺭﺍﺕ ﻓﻘﺪ ﻋُﻴﻦ ﻟﻬﺎ ﻣَﻠﻜﺎﻥ ﻣﺸﺮﻓﺎﻥ ﻳﺤﻤﻼﻧﻬﺎ، ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ: «ﺍﻟﺜﻮﺭ» ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻵﺧﺮ «ﺍﻟﺤﻮﺕ». ﻭﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﻓﻲ ﺗﺴﻤﻴﺘﻬﻤﺎ ﺑﻬﺬﻳﻦ ﺍﻻﺳﻤﻴﻦ ﻫﻲ ﺃﻥ ﺍﻷﺭﺽ ﻗﺴﻤﺎﻥ: ﺍﻟﺒﺮ ﻭﺍﻟﺒﺤﺮ، ﺃﻱ ﺍﻟﻴﺎﺑﺴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺎﺀ. ﻓﺎﻟﺬﻱ ﻳُﻌَﻤِّﺮ ﺍﻟﺒﺤﺮَ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﻫﻮ ﺍﻟﺤﻮﺕ ﺃﻭ ﺍﻟﺴﻤﻚ، ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳُﻌَﻤِّﺮ ﺍﻟﺒﺮَّ ﻭﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ﻓﻬﻮ ﺍﻟﺜﻮﺭ، ﺣﻴﺚ ﺇﻥ ﻣﺪﺍﺭ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﺔ ﺍﻟﻤﺤﻤﻮﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﺎﻫﻞ ﺍﻟﺜﻮﺭ.

ﻓﺎﻟﻤَﻠﻜﺎﻥ ﺍﻟﻤﻮﻛﻼﻥ ﺑﺎﻷﺭﺽ ﺇﺫﻥ ﻫﻤﺎ ﻗﺎﺋﺪﺍﻥ ﻟﻬﺎ ﻭﻣﺸﺮﻓﺎﻥ ﻋﻠﻴﻬﺎ، ﻟﺬﺍ ﻟﻬﻤﺎ ﺗﻌﻠﻖٌ ﻭﺍﺭﺗﺒﺎﻁ ﻭﻣﻨﺎﺳﺒﺔ -ﻣﻦ ﺟﻬﺔ- ﻣﻊ ﻃﺎﺋﻔﺔ ﺍﻟﺤﻮﺕ ﻭﻧﻮﻉ ﺍﻟﺜﻮﺭ. ﻭﻟﺮﺑﻤﺎ -ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻠﻪ- ﻳﺘﻤﺜﻼﻥ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﻤﻠﻜﻮﺕ ﻭﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ ﻋﻠﻰ ﺻﻮﺭﺓ ﺍﻟﺤﻮﺕ ﻭﺍﻟﺜﻮﺭ. (حاشية) ﻧﻌﻢ: ﺇﻥ ﺍﻟﻜﺮﺓ ﺍﻷﺭﺿﻴﺔ ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﻛﺴﻔﻴﻨﺔ ﺗﻤﺨﺮ ﻋﺒﺎﺏ ﺑﺤﺮ ﺍﻟﻔﻀﺎﺀ ﻓﺎﻟﺬﻱ ﻳﺠﺮﻱ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻔﻴﻨﺔ ﺍﻟﻀﺨﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺷﻌﻮﺭ ﻟﻬﺎ ﺑﺎﻧﺘﻈﺎﻡ ﺩﻗﻴﻖ ﻭﻳﺴﻮﻗﻬﺎ ﻟﺤﻜﻤﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﺑﺎﻷﻣﺮ ﺍﻹﻟﻬﻲ، ﺃﻱ ﺇﻥ ﻗﺎﺋﺪ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺴﻔﻴﻨﺔ ﻭﺭﺑﺎﻧﻬﺎ ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﻠَﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﺳﻢ «ﺍﻟﺤﻮﺕ». ﻭﻫﻲ ﺃﻳﻀﺎً -ﺃﻱ ﺍﻷﺭﺽ- ﻛﻤﺰﺭﻋﺔ ﻟﻶﺧﺮﺓ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﺛﺎﺑﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ، ﻓﺎﻟﺬﻱ ﻳﺸﺮﻑ ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﺰﺭﻋﺔ، ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ  -ﺑﺎﻹﺫﻥ ﺍﻹﻟﻬﻲ- ﻫﻮ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﺳﻢ «ﺍﻟﺜﻮﺭ». ﻭﻻ ﻳﺨﻔﻰ ﻣﺎ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻹﻃﻼﻕ ﺍﻟﺠﻤﻴﻞ ﻣﻦ ﺍﻧﺴﺠﺎﻡ ﻟﻄﻴﻒ. ﻓﺈﺷﺎﺭﺓً ﺇﻟﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﻭﺍﻟﻌﻼﻗﺔ، ﻭﺍﻳﻤﺎﺀﺍً ﺇﻟﻰ ﺫﻳﻨﻚ ﺍﻟﻨﻮﻋﻴﻦ ﻣﻦ ﻣﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﺍﻷﺭﺽ، ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﺃُﻭﺗﻲ ﺟﻮﺍﻣﻊَ ﺍﻟﻜﻠﻢ صلى الله عليه وسلم: «ﺍﻷﺭﺽ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺜﻮﺭ ﻭﺍﻟﺤﻮﺕ» ﻓﺄﻓﺎﺩ ﺑﺠﻤﻠﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻭﺟﻴﺰﺓ ﺑﻠﻴﻐﺔ ﻋﻦ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﻋﻤﻴﻘﺔ ﻗﺪ ﻻ ﻳُﻌَﺒّﺮ ﻋﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﺻﺤﻴﻔﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ.

  ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ: ﻟﻮ ﻗﻴﻞ: ﺑﻢَ ﺗﻘﻮﻡ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ؟ ﻓﺎﻟﺠﻮﺍﺏ: ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻴﻒ ﻭﺍﻟﻘﻠﻢ: ﺃﻱ ﺗﺴﺘﻨﺪ ﺇﻟﻰ ﻗﻮﺓ ﺳﻴﻒ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﻭﺷﺠﺎﻋﺘﻪ ﻭﺇﻗﺪﺍﻣﻪ، ﻭﻋﻠﻰ ﺩﺭﺍﻳﺔ ﻗﻠﻢ ﺍﻟﻤﻮﻇﻔﻴﻦ ﻭﻋﺪﺍﻟﺘﻬﻢ.

ﻭﺣﻴﺚ ﺇﻥ ﺍﻷﺭﺽ ﻣﺴﻜﻦُ ﺍﻷﺣﻴﺎﺀ، ﻭﺳﻴﺪُ ﺍﻷﺣﻴﺎﺀ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ، ﻭﺍﻟﻘِﺴﻢ ﺍﻷﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﻘﻄﻨﻮﻥ ﺍﻟﺴﻮﺍﺣﻞ ﻭﻣﻌﻴﺸﺘﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻤﻚ، ﻭﺍﻟﺒﺎﻗﻮﻥ ﺗﺪﻭﺭ ﻣﻌﻴﺸﺘﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗﻖ ﺍﻟﺜﻮﺭ ﻭﻣﺤﻮﺭ ﺗﺠﺎﺭﺗﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻤﻚ. ﻓﻤﺜﻠﻤﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﻟﻘﻮﻝ: ﺇﻥ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺗﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻴﻒ ﻭﺍﻟﻘﻠﻢ، ﻳﻤﻜﻦ ﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﻘﻮﻝ: ﺇﻥَّ ﺍﻷﺭﺽ ﺗﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺜﻮﺭ ﻭﺍﻟﺤﻮﺕ؛ ﻷﻧﻪ ﻣﺘﻰ ﻣﺎ ﺃﺣﺠﻢ ﺍﻟﺜﻮﺭُ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﻟﻢ ﻳﻠﻖِ ﺍﻟﺴﻤﻚ ﻣﻼﻳﻴﻦ ﺍﻟﺒﻴﻮﺽ ﺩﻓﻌﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ، ﻓﻼ ﻋﻴﺶَ ﻟﻺﻧﺴﺎﻥ ﻭﺗﻨﻬﺎﺭ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ، ﻭﻳﺪﻣﺮ ﺍﻟﺨﺎﻟﻖُ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺍﻷﺭﺽَ.

ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺃﺟﺎﺏ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ صلى الله عليه وسلم ﻋﻦ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﺑﺤﻜﻤﺔ ﺳﺎﻣﻴﺔ ﻭﺑﺒﻼﻏﺔ ﻣﻌﺠﺰﺓ ﻭﺑﻜﻠﻤﺘﻴﻦ ﺍﺛﻨﺘﻴﻦ ﻣﺒﻴﻨﺎً ﺣﻘﻴﻘﺔً ﻭﺍﺳﻌﺔ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﻤﺪﻯ ﺍﺭﺗﺒﺎﻁ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺑﺎﻟﺤﻴﻮﺍﻥ ﻓﻘﺎﻝ صلى الله عليه وسلم: «ﺍﻷﺭﺽ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺜﻮﺭ ﻭﺍﻟﺤﻮﺕ».

   ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ: ﺇﻥَّ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻓﻲ ﻧﻈﺮ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻔﻠﻚ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ ﺗﺪﻭﺭ ﻭﺍﻷﺭﺽ ﺛﺎﺑﺘﺔ. ﻭﻋﺒّﺮﻭﺍ ﻋﻦ ﻛﻞ ﺛﻼﺛﻴﻦ ﺩﺭﺟﺔ ﻣﻦ ﺩﺭﺟﺎﺕ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﺑ«ﺍﻟﺒﺮﺝ» ﻓﻠﻮ ﻣُﺪﺕ ﺧﻄﻮﻁ ﺍﻓﺘﺮﺍﺿﻴﺔ ﺑﻴﻦ ﻧﺠﻮﻡ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺒﺮﻭﺝ ﻟﺤﺼﻞ ﻣﺎ ﻳﺸﺒﻪ ﺻﻮﺭﺓ ﺍﻷﺳﺪ ﺃﺣﻴﺎﻧﺎً، ﺃﻭ ﺻﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﻴﺰﺍﻥ، ﺃﻭ ﺻﻮﺭﺓ ﺍﻟﺜﻮﺭ، ﺃﻭ ﺻﻮﺭﺓ ﺍﻟﺤﻮﺕ، ﻟﺬﺍ ﺑﻴﻨﻮﺍ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺒﺮﻭﺝ ﺑﺘﻠﻚ ﺍﻷﺳﻤﺎﺀ.

ﺃﻣﺎ ﻋﻠﻢُ ﺍﻟﻔﻠﻚ ﺍﻟﺤﺎﺿﺮ ﻓﻴﺮﻯ ﺃﻥَّ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻻ ﺗﺪﻭﺭ ﺣﻮﻝ ﺍﻷﺭﺽ، ﺑﻞ ﺍﻷﺭﺽُ ﺗﺪﻭﺭ ﺣﻮﻟﻬﺎ. ﺃﻱ ﻳﻌﻄﻞ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺒﺮﻭﺝ، ﻓﻼﺑﺪ ﺃﻥَّ ﻟﺘﻠﻚ ﺍﻟﺒﺮﻭﺝ ﺍﻟﻌﺎﻃﻠﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﺍﻟﺪﻭﺍﺋﺮ ﺍﻟﻬﺎﺋﻠﺔ ﺩﻭﺍﺋﺮ ﺑﻤﻘﻴﺎﺱ ﺃﺻﻐﺮ ﻓﻲ ﻣﺪﺍﺭ ﺍﻷﺭﺽ ﺍﻟﺴﻨﻮﻱ، ﺃﻱ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺍﻟﺒﺮﻭﺝُ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﻳﺔ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﻣﺪﺍﺭ ﺍﻷﺭﺽ ﺍﻟﺴﻨﻮﻱ، ﻭﻋﻨﺪﺋﺬ ﺗﺪﺧﻞ ﺍﻷﺭﺽُ ﻛﻞ ﺷﻬﺮ ﻓﻲ ﻇﻞ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﺒﺮﻭﺝ ﻭﺗﻜﻮﻥ ﺿﻤﻦ ﺍﻧﻌﻜﺎﺳﻪ، ﻓﻜﺄﻥ ﻣﺪﺍﺭ ﺍﻷﺭﺽ ﺍﻟﺴﻨﻮﻱ ﻣﺮﺁﺓ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﺻﻮﺭﺓ ﺍﻟﺒﺮﻭﺝ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﻳﺔ.

ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺟﻪ -ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﺄﻟﺔ- ﻓﻘﺪ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍﻷﻋﻈﻢ صلى الله عليه وسلم ﻛﻤﺎ ﺫﻛﺮﻧﺎ ﺳﺎﺑﻘﺎً «ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺜﻮﺭ» ﻣﺮﺓ ﻭ«ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻮﺕ» ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ.

ﻧﻌﻢ ﺇﻧﻪ ﺣَﺮﻱٌّ ﺑﻠﺴﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺍﻟﻤﻌﺠﺰ ﺃﻥْ ﻳﻘﻮﻝ ﻣﺮﺓ: «ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺜﻮﺭ» ﻣﺸﻴﺮﺍً ﺑﻪ ﺇﻟﻰ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻋﻤﻴﻘﺔ ﻻ ﺗُﺪﺭﻙ ﺇﻟّﺎ ﺑﻌﺪ ﻗﺮﻭﻥ ﻋﺪﻳﺪﺓ. ﺣﻴﺚ ﺇﻥ ﺍﻷﺭﺽ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ -ﺃﻱ ﻓﺘﺮﺓ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ- ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﺜﺎﻟﻴﺔ ﻟﺒﺮﺝ ﺍﻟﺜﻮﺭ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺳُﺌﻞ صلى الله عليه وسلم ﺍﻟﺴﺆﺍﻝَ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﻌﺪ ﺷﻬﺮ ﻗﺎﻝ: «ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻮﺕ» ﻷﻥ ﺍﻷﺭﺽ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ ﻇِﻞ ﺑﺮﺝ ﺍﻟﺤﻮﺕ.

ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺃﺷﺎﺭ صلى الله عليه وسلم ﺑﻘﻮﻟﻪ: «ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺜﻮﺭ ﻭﺍﻟﺤﻮﺕ» ﺇﻟﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺳﺘﻈﻬﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﻭﺗﺘﻮﺿﺢ.. ﻭﺃﺷﺎﺭ ﺑﻪ ﺇﻟﻰ ﺣﺮﻛﺔ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﺳﻴﺎﺣﺘﻬﺎ.. ﻭﺭﻣﺰَ ﺑﻪ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺒﺮﻭﺝ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﻳﺔ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﻓﻲ ﻣﺪﺍﺭ ﺍﻷﺭﺽ ﺍﻟﺴﻨﻮﻱ، ﻭﺍﻷﺭﺽُ ﻫﻲ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﺑﺎﻟﻮﻇﻴﻔﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺣﺔ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺒﺮﻭﺝ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺸﻤﺲ ﻋﺎﻃﻠﺔ ﺩﻭﻥ ﺃﺟﺮﺍﻡ ﺳﻴﺎﺭﺓ ﻓﻴﻬﺎ. ﻭﺍﻟﻠﻪ ﺃﻋﻠﻢ ﺑﺎﻟﺼﻮﺍﺏ.

ﻭﺃﻣﺎ ﻣﺎ ﺟﺎﺀ ﻣﻦ ﺣﻜﺎﻳﺎﺕ ﺧﺎﺭﺟﺔ ﻋﻦ ﻃﻮﺭ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺜﻮﺭ ﻭﺍﻟﺤﻮﺕ. ﻓﺈﻣﺎ ﺃﻧﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻹﺳﺮﺍﺋﻴﻠﻴﺎﺕ، ﺃﻭ ﻫﻲ ﺗﺸﺒﻴﻬﺎﺕ ﻭﺗﻤﺜﻴﻼﺕ، ﺃﻭ ﺃﻧﻬﺎ ﺗﺄﻭﻳﻼﺕُ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺮﻭﺍﺓ، ﺣﺴﺒﻬﺎ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻻ ﻳﺘﺤﺮَّﻭﻥ ﺍﻟﺪﻗﺔ ﺃﻧﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﺍﺳﻨﺪﻭﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﻛﻼﻡ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ صلى الله عليه وسلم.

 ﴿ﺭﺑﻨﺎ ﻻ ﺗﺆﺍﺧﺬﻧﺎ ﺇﻥْ ﻧَﺴِﻴﻨﺎ ﺃﻭ ﺃﺧﻄﺄﻧﺎ﴾

 ﴿سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾

  ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ: ﻳﺨﺺ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﺒﺎﺀ.

ﺃﺧﻲ!

ﺳﻨﺬﻛﺮ ﺣﻜﻤﺔً ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻓﻘﻂ ﻣﻦ ﺍﻟﺤِﻜﻢ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻨﻄﻮﻱ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺳﺆﺍﻟﻜﻢ ﺣﻮﻝ «ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﺒﺎﺀ» ﺍﻟﺬﻱ ﻇﻞ ﺑﻼ ﺟﻮﺍﺏ، ﻭﻫﻲ: ﺃﻥَّ ﺃﺳﺮﺍﺭﺍً ﻭﺣﻜﻤﺎً ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻓﻲ ﺇﻟﻘﺎﺀ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ صلى الله عليه وسلم ﻋﺒﺎﺀﻩ (ﻣﻼﺀﺗﻪ) ﺍﻟﻤﺒﺎﺭﻛﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻥ ﻳﻠﺒﺴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻋﻠﻲ ﻭﻓﺎﻃﻤﺔ ﻭﺍﻟﺤﺴﻦ ﻭﺍﻟﺤﺴﻴﻦ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻢ ﺃﺟﻤﻌﻴﻦ، ﺛﻢ ﺩﻋﺎﺅﻩ ﻟﻬﻢ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﻭﺑﻬﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ: ﴿ﻟﻴُﺬﻫِﺐَ ﻋَﻨﻜُﻢ ﺍﻟﺮﺟﺲَ ﺃﻫﻞَ ﺍﻟﺒﻴﺖِ ﻭﻳُﻄَﻬِّﺮﻛُﻢ ﺗﻄﻬﻴﺮﺍً…﴾ (ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ:٣٣). ﻭﻟﻜﻨﻨﺎ ﻻ ﻧﺨﻮﺽ ﻓﻲ ﺃﺳﺮﺍﺭﻩ، ﻭﻻ ﻧﺬﻛﺮ ﺇﻟّﺎ ﺣﻜﻤﺔً ﻣﻦ ﺣِﻜﻤﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﻤﻬﻤﺔ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ ﻭﻫﻲ:

ﺃﻥَّ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ صلى الله عليه وسلم ﻗﺪ ﺭﺃﻯ ﺑﻨﻈﺮ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ ﺍﻷﻧﻴﺲ ﺑﺎﻟﻐﻴﺐ، ﺍﻟﻨﺎﻓﺬ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ، ﺃﻧﻪ ﺑﻌﺪ ﻧﺤﻮ ﺛﻼﺛﻴﻦ ﺃﻭ ﺃﺭﺑﻌﻴﻦ ﺳﻨﺔ ﺳﺘﻘﻊ ﻓﺘﻦٌ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﻓﻲ ﺻﻔﻮﻑ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻭﺍﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ، ﻭﺳﺘُﺮﺍﻕ ﺍﻟﺪﻣﺎﺀ ﺍﻟﺰﻛﻴﺔ. ﻓﺸﺎﻫﺪ ﺃﻥ ﺃﺑﺮﺯ ﻣَﻦْ ﻓﻴﻬﺎ ﻫﻢ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹُ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺳﺘَﺮَﻫﻢ ﺗﺤﺖ ﻋﺒﺎﺀﺗﻪ. ﻓﻸﺟﻞ ﺍﻹﻋﻼﻥ ﻋﻦ ﺗﺒﺮﺋﺔ ﻋﻠﻲ ﻓﻲ ﻧﻈﺮ ﺍﻷﻣﺔ.. ﻭﺗﺴﻠﻴﺔ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ ﻭﻋﺰﺍﺋﻪ.. ﻭﺗﻬﻨﺌﺔ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﻭﺇﻇﻬﺎﺭ ﺷﺮﻓﻪ ﻭﻣﻜﺎﻧﺘﻪ ﻭﻋﻈﻴﻢ ﻧﻔﻌﻪ ﻟﻸﻣﺔ ﺑﺮﻓﻌﻪ ﻓﺘﻨﺔ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﺑﺎﻟﺼﻠﺢ.. ﻭﻃﻬﺎﺭﺓ ﻧﺴﻞ ﻓﺎﻃﻤﺔ ﻭﺷﺮﺍﻓﺘﻬﻢ ﻭﺃﻫﻠﻴﺘﻬﻢ ﺑﻠﻘﺐ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺒﻴﺖ، ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻌﻨﻮﺍﻥ ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ ﺍﻟﺮﻓﻴﻊ.. ﻷﺟﻞ ﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﺳﺘﺮ صلى الله عليه وسلم ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ ﻣﻊ ﻧﻔﺴﻪ ﺗﺤﺖ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻌﺒﺎﺀ ﻭﺍﻫﺒﺎً ﻟﻬﻢ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻌﻨﻮﺍﻥ ﺍﻟﻤﺸﺮﻑ: ﺁﻝ ﺍﻟﻌﺒﺎﺀ ﺍﻟﺨﻤﺴﺔ.

ﻧﻌﻢ، ﺇﻥَّ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﻋﻠﻴﺎً ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻛﺎﻥ ﺧﻠﻴﻔﺔ ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺑﺤﻖٍ، ﻭﻟﻜﻦ ﻷﻥ ﺍﻟﺪﻣﺎﺀ ﺍﻟﺰﻛﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃُﺭﻳﻘﺖ ﺟﻠﻴﻠﺔٌ ﻓﺈﻥ ﺑﺮﺍﺀﺗﻪ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﺗﺒﺮﺋﺘَﻪ ﻓﻲ ﻧﻈﺮ ﺍﻷﻣﺔ ﻟﻬﺎ ﺃﻫﻤﻴﺘُﻬﺎ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻭﻇﻴﻔﺔ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ. ﻟﺬﺍ ﻳُﺒَﺮﺉ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ صلى الله عليه وسلم ﺳﺎﺣﺘَﻪ ﺑﺘﻠﻚ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ. ﻓﻴﺪﻋﻮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻜﻮﺕ ﺑﺤﻘﻪ ﻛﻞَّ ﻣﻦ ﻳﻨﺘﻘﺪﻩ ﻭﻳُﺨﻄﺌﻪ ﻭﻳﻀﻠﻠﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻮﺍﺭﺝ ﻭﺍﻟﻤﻮﺍﻟﻴﻦ ﻟﻸﻣﻮﻳﻴﻦ ﺍﻟﻤﺘﺠﺎﻭﺯﻳﻦ ﻋﻠﻴﻪ.

ﻧﻌﻢ، ﺇﻥ ﺍﻟﺨﻮﺍﺭﺝ ﻭﺃﺗﺒﺎﻉ ﺍﻷﻣﻮﻳﻴﻦ ﺍﻟﻤﻐﺎﻟﻴﻦ ﺑﺘﻔﺮﻳﻄﻬﻢ ﻓﻲ ﺣﻖ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﻋﻠﻲ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻭﺗﻀﻠﻴﻠﻬﻢ ﻟﻪ ﻭﺇﻓﺮﺍﻁِ ﺍﻟﺸﻴﻌﺔ ﻭﻏﻠﻮِّﻫﻢ ﻭﺑﺪﻋﻬﻢ ﻭﺗﺒﺮّﻳﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻴﺨﻴﻦ ﻣﻊ ﻭﻗﻮﻉ ﺍﻟﻔﺎﺟﻌﺔ ﺍﻷﻟﻴﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ، ﻗﺪ ﺃﺿﺮّ ﺃﻫﻞَ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺃﻳّﻤﺎ ﺿﺮﺭ. ﻓﺎﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ صلى الله عليه وسلم ﻳﻨﺠﻲ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺪﻋﺎﺀ ﻭﺍﻟﻌﺒﺎﺀ ﻋﻠﻴﺎً ﻭﺍﻟﺤﺴﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘُﻬﻢ، ﻭﻳﻨﻘﺬ ﺃﻣﺘَﻪ ﻣﻦ ﺳﻮﺀ ﺍﻟﻈﻦ ﻓﻲ ﺣﻘﻬﻤﺎ ﻛﻤﺎ ﻳﻬﻨﺊ  -ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻣﻬﻤﺔ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ- ﺍﻟﺤﺴﻦَ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺣﺴﻦ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﻣﺔ ﺑﺎﻟﺼُﻠﺢ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﻡ ﺑﻪ، ﻭﻳﻌﻠﻦ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺴﻞ ﺍﻟﻤﺒﺎﺭﻙ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺴﻠﺴﻞ ﻣﻦ ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺳﻴﻨﺎﻟﻮﻥ ﺷﺮﻓﺎً ﺭﻓﻴﻌﺎً، ﻭﺃﻥ ﻓﺎﻃﻤﺔ ﺳﺘﻜﻮﻥ ﻛﺮﻳﻤﺔً ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺫﺭﻳﺘﻬﺎ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻟﺖ ﺃﻡ ﻣﺮﻳﻢ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ:

 ﴿ﻭﺍﻧﻲ ﺍﻋﻴﺬﻫﺎ ﺑﻚَ ﻭﺫُﺭﻳﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﺍﻟﺮﺟﻴﻢ﴾ (ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ:36)

ﺍﻟﻠّﻬﻢ ﺻﻞّ ﻋﻠﻰ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻟﻪ ﺍﻟﻄﻴﺒﻴﻦ ﺍﻟﻄﺎﻫﺮﻳﻦ ﺍﻷﺑﺮﺍﺭ ﻭﻋﻠﻰ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﺍﻟﻤﺠﺎﻫﺪﻳﻦ ﺍﻟﻤﻜﺮﻣﻴﻦ ﺍﻷﺧﻴﺎﺭ. ﺁﻣﻴﻦ.


  ﺍﻟﻤﻘﺎﻡ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ

  ﻳﻀﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘﺎﻡ ﺳﺘﺔً ﻣﻦ ﺃُﻟﻮﻑ ﺃﺳﺮﺍﺭ

 بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

  ﺗﻨﺒﻴﻪ: ﻟﻘﺪ ﻇﻬﺮ ﻋﻦ ﺑُﻌﺪٍ ﻟﻌﻘﻠﻲ ﺍﻟﺨﺎﻣﺪ ﻧﻮﺭٌ ﺳﺎﻃﻊٌ ﺃﺷﺮﻕ ﻣﻦ ﺃُﻓﻖ ﺭﺣﻤﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺴﻤﻠﺔ. ﻓﺄﺭﺩﺕُ ﺗﺴﺠﻴﻠﻪ ﻓﻲ ﺻﻮﺭﺓِ ﻣﻼﺣﻈﺎﺕ ﻭﻣﺬﻛِّﺮﺍﺕ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻲّ، ﻭﻗﻤﺖُ ﺑﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﺍﻗﺘﻨﺎﺹ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻨﻮﺭ ﺍﻟﺒﺎﻫﺮ ﺑﺈﺣﺎﻃﺘﻪ ﺑﺴﻮﺭٍ ﻣﻦ ﺃﺳﺮﺍﺭﻩ ﺍﻟﺒﺎﻟﻐﺔ ﻧﺤﻮ ﺛﻼﺛﻴﻦ ﺳﺮﺍً، ﻛﻲ ﻳﺴﻬُﻞ ﺣﺼﺮُﻩ ﻭﻳﺘﻴﺴﺮ ﺗﺪﻭﻳﻨﻪ، ﺇﻟّﺎ ﺃﻧﻨﻲ ﻣﻊ ﺍﻷﺳﻒ ﻟﻢ ﺃُﻭﻓَّﻖ ﺗﻤﺎﻣﺎً ﺍﻵﻥ ﻓﻲ ﻣﺴﻌﺎﻱ، ﻓﺎﻧﺤﺴﺮﺕ ﺍﻷﺳﺮﺍﺭُ ﺇﻟﻰ ﺳﺘﺔ ﻓﻘﻂ.

ﻭﺍﻟﺨﻄﺎﺏ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘﺎﻡ ﻣﻮﺟّﻪ ﺇﻟﻰ ﻧﻔﺴﻲ ﺑﺎﻟﺬﺍﺕ. ﻓﺤﻴﻨﻤﺎ ﺃﻗﻮﻝ: «ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ!» ﺃﻋﻨﻲ ﺑﻪ ﻧﻔﺴﻲ.

ﻓﻬﺬﺍ ﺍﻟﺪﺭﺱ ﻣﻊ ﻛﻮﻧﻪ ﺧﺎﺻﺎً ﺑﻲ ﺇﻟّﺎ ﺃﻧﻨﻲ ﺃﻋﺮﺿﻪ ﻟﻸﻧﻈﺎﺭ ﺍﻟﺼﺎﺋﺒﺔ ﻷﺧﻮﺗﻲ ﺍﻟﻤﺪﻗﻘﻴﻦ ﻟﻴﻜﻮﻥ «ﺍﻟﻤﻘﺎﻡ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻤﻌﺔ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ ﻋﺸﺮﺓ» ﻭﻋﻠّﻪ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻮﺿﻊ ﻓﺎﺋﺪﺓ ﻟﻤﻦ ﺍﺭﺗﺒﻂ ﺑﻲ ﺑﺮﺑﺎﻁ ﺭﻭﺣﻲ، ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻧﻔﺴُﻪ ﺃﻛﺜﺮ ﻳﻘﻈﺔً ﻣﻨﻲ ﻭﺍﻧﺘﺒﺎﻫﺎً.

ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﺭﺱ ﻣﺘﻮﺟّﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻨﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻭﻣﺘﻄﻠّﻊ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺬﻭﻕ ﺍﻟﺮﻭﺣﻲ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻨﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﻲ.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

 ﴿ﻗﺎَﻟﺖْ: ﻳﺎ ﺍﻳُﻬﺎ ﺍﻟﻤَﻠﺆﺍ ﺍِﻧﻲ ﺍُﻟﻘِﻲَ ﺍِﻟﻲَّ ﻛﺘﺎﺏٌ ﻛَﺮﻳﻢ٭ ﺍِﻧّﻪ ﻣِﻦْ ﺳُﻠَﻴْﻤﻦَ ﻭﺍِﻧﻪ ﺑﺴﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ﴾ (ﺍﻟﻨﻤﻞ:٩٢ ٠٣

ﺳﻨﺬﻛﺮ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘﺎﻡ ﺑﻀﻌﺔً ﻣﻦ ﺍﻷﺳﺮﺍﺭ:

  ﺍﻟﺴﺮ ﺍﻷﻭﻝ:

ﻓﻲ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺗﺄﻣﻠﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺴﻤﻠﺔ ﺭﺃﻳﺖُ ﻧﻮﺭﺍً ﻣﻦ ﺃﻧﻮﺍﺭ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻵﺗﻴﺔ:

ﺇﻥَّ ﻫﻨﺎﻙ ﺛﻼﺙَ ﻋﻼﻣﺎﺕ ﻧﻴّﺮﺓ ﺳﺎﻃﻌﺔ ﻟﻠﺮﺑﻮﺑﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﻴﻤﺎﺀ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ، ﻭﻋﻠﻰ ﻗَﺴﻤﺎﺕ ﻭﺟﻪ ﺍﻷﺭﺽ، ﻭﻋﻠﻰ ﻣﻼﻣﺢ ﻭﺟﻪ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ. ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻼﻣﺎﺕ ﺍﻟﺰﺍﻫﺮﺓ ﻭﺍﻵﻳﺎﺕ ﺍﻟﺴﺎﻃﻌﺔ ﻣﺘﺪﺍﺧﻞٌ ﺑﻌﻀُﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﺍﻵﺧﺮ، ﺣﺘﻰ ﺇﻥ ﻛﻼ ﻣﻨﻬﺎ ﻳﺒﻴﻦ ﻧﻤﻮﺫﺝَ ﺍﻵﺧﺮ ﻭﻣﺜﺎﻟﻪ.

  ﻓﺎﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ: ﻫﻲ ﻋﻼﻣﺔُ ﺍﻷﻟﻮﻫﻴﺔ، ﺗﻠﻚ ﺍﻵﻳﺔ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ، ﺍﻟﺴﺎﻃﻌﺔُ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﻭﺍﻟﺘﺴﺎﻧﺪ ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﻧﻖ ﻭﺍﻟﺘﺠﺎﻭﺏ ﺍﻟﺠﺎﺭﻱ ﻓﻲ ﺃﺟﺰﺍﺀ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻛﻠﻪ؛ ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺘﻮﺟﻪ ﴿ﺑﺴﻢ ﺍﻟﻠﻪ﴾ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻭﻳﺪﻝ ﻋﻠﻴﻬﺎ.

  ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ: ﻫﻲ ﻋﻼﻣﺔ ﺍﻟﺮﺣﻤﺎﻧﻴﺔ، ﺗﻠﻚ ﺍﻵﻳﺔ ﺍﻟﻌﻈﻤﻰ، ﺍﻟﺰﺍﻫﺮﺓُ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺸﺎﺑﻪ ﻭﺍﻟﺘﻨﺎﺳﺐ ﻭﺍﻻﻧﺘﻈﺎﻡ ﻭﺍﻻﻧﺴﺠﺎﻡ ﻭﺍﻟﻠﻄﻒ ﻭﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﺍﻟﺴﺎﺭﻱ ﻓﻲ ﺗﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻨﺒﺎﺗﺎﺕ ﻭﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻧﺎﺕ؛ ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺘﻮﺟّﻪ ﺑ﴿ﺴﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ﴾ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻭﻳﺪﻝ ﻋﻠﻴﻬﺎ.

  ﺛﻢ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ: ﻭﻫﻲ ﻋﻼﻣﺔ ﺍﻟﺮﺣﻴﻤﻴﺔ، ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻌﻼﻣﺔ ﺍﻟﺴﺎﻣﻴﺔ، ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓُ ﻣﻦ ﻟﻄﺎﺋﻒ ﺍﻟﺮﺃﻓﺔ ﺍﻹﻟﻬﻴﺔ ﻭﺩﻗﺎﺋﻖ ﺷﻔﻘﺘﻬﺎ ﻭﺃﺷﻌﺔ ﺭﺣﻤﺘﻬﺎ ﺍﻟﻤﻨﻄﺒﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﻴﻤﺎﺀ ﺍﻟﻤﺎﻫﻴﺔ ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ﻟﻺﻧﺴﺎﻥ، ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺘﻮﺟّﻪ ﺍﺳﻢ «ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ» ﺍﻟﺬﻱ ﻓﻲ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻭﻳﺪﻝ ﻋﻠﻴﻬﺎ.

ﺃﻱ ﺇﻥ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ ﻋﻨﻮﺍﻥٌ ﻗُﺪﺳﻲ ﻟﺜﻼﺙ ﺁﻳﺎﺕ ﻣﻦ ﺁﻳﺎﺕ ﺍﻷﺣﺪﻳﺔ، ﺣﺘﻰ ﺇﻧﻪ ﻳُﺸﻜّﻞ ﺳَﻄﺮﺍً ﻧﻮﺭﺍﻧﻴﺎً ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ، ﻭﻳﺨﻂ ﺧﻄﺎً ﺳﺎﻃﻌﺎً ﻓﻲ ﺻﺤﻴﻔﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ، ﻭﻳﻤﺜﻞ ﺣﺒﻼ ﻣﺘﻴﻨﺎً ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺨﺎﻟﻖ ﻭﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻕ. ﺃﻱ ﺃﻥ ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ ﻧﺰﻭﻻ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺮﺵ ﺍﻷﻋﻈﻢ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﻃﺮﻓﻪ ﻭﻧﻬﺎﻳﺘﻪ ﺑﺎﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺛﻤﺮﺓ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﻭﻧﺴﺨﺔُ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻤﺼﻐﺮﺓ، ﻓﻴﺮﺑﻂ ﺍﻟﻔﺮﺵَ ﺑﺎﻟﻌﺮﺵ ﺍﻷﻋﻈﻢ، ﻭﻳﻜﻮﻥ ﺳﺒﻴﻼ ﻣﻤَﻬﺪﺍً ﻟﻌﺮﻭﺝ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﻋﺮﺵ ﻛﻤﺎﻻﺗﻪ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *