نصيحةٌ للإخوة في الحزب الديمقراطي

نصيحةٌ للإخوة في الحزب الديمقراطي

إن أمضى سلاحٍ يستخدمه أُجَراء الماسونية في هذه المرحلة الحرجة من تاريخهم هو إظهارهم أن الحزب الديمقراطي أشدُّ منهم عِداءً ومحاربةً للدين، مع أنهم حين كانت بيدهم مقاليد الأمور في العهد السابق، وكان لهم الأمر والنهي استبدادًا وتسلُّطًا، كانوا حربًا على الدين والإيمان في هذا الوطن، يأخذون بخِناقه ويحرقون الأخضر واليابس فيه.

وها هم اليوم قد توزعوا فريقين: أحدهما يرتدي لباس الدين كذبًا وزورًا، ويبث الحملات المغرضة بأن الحزب الديمقراطي لن يفي بوعده بتأمين الحرية الدينية لأبناء هذا البلد؛ والآخر يسعى للحيلولة دون قيام الحزب الديمقراطي بتأمين الحرية الدينية، وذلك باتهامه بأنه يحمي الرجعية، وبذلك يدفعونه لمحاربة الدين والمؤسسات الدينية، ولمعاملة المتدينين بجفاءٍ وقسوة.

إن ما قام به الحزب الديمقراطي فور استلامه مقاليد الأمور من تضييق الخناق على الحركة الشيوعية من جهة، وسماحه برفع الأذان المحمدي من جهةٍ أخرى، قد أكسبه الدعم والتأييد من قطاعاتٍ عريضةٍ من أبناء هذا الشعب، وضاعف قوتَه بشكلٍ كبير، مما أثار مخاوف وقلق غريمه الحزب الجمهوري.

ولا تخفى على الحزب الديمقراطي الحال المُزرية التي تردى فيها العهد السابق باتباعه سياسةً ظالمةً مع أهل الدين وأهلِ القرآن النوريِّين، ونحن على ثقةٍ من أن هذا الحزب لن يقع في هذا الفخ اللعين.

إن شعارات الحقبة السابقة معروفةٌ معلومةٌ للجميع، وإن على الديمقراطيين إنْ أرادوا البقاء في موقعهم أن يتبعوا سياسةً تخالف هذه الشعارات بالكلية، وذلك بالتصدي للشيوعية من جهة، وحماية الدين وأهله من جهةٍ أخرى؛ أجل، لا بد لهم من السير في هذا الطريق بكل جرأةٍ ووضوح، وإن أيَّ ضَعفٍ أو ترددٍ يُظهِرونه بهذا الصدد سيوقعهم في الفخ الذي نصبه لهم الحزب الجمهوري.

من هو بديع الزمان؟

من هو بديع الزمان؟

إنه رجلٌ يسعى جاهدًا لتأمين سلامة حياتنا الاجتماعية المحفوفة بالمخاطر والمهالك، ويرعاها معنويًّا بنور الإيمان وضياء الإرشاد، ويضرب المثلَ العمليَّ الذي يبين للناس كيف يجعلُ العلمُ المرءَ سيدَ نفسه، وكيف يجعله الجهلُ كائنًا ينقاد انقيادًا أعمى.

لقد أثبت هذا الرجل حقيقةً قطعيَّةً جلَّاها للناس رأيَ العين، مفادها أن العلوم الحديثة لا يمكن إلا أن تسير جنبًا إلى جنب مع القيم الأخلاقية والروح الوطنية، وأن الشباب الذي نُشِّئَ على غير هذا الأساس يعيش خَواءً وجَدْبًا روحيًّا كأن روحه صحراء مُقفِرة، وأن مثل هذا الشباب سيكون في المستقبل خطرًا ماحقًا يُلبِّد أفقَ الوطن بالسواد.

إن بديع الزمان عالِمٌ وجد أن الفرق الهائل بين الشرق والغرب إنما يعود لمفهوم الشخصية، وشاهد كيف مُسِخَت شخصية مقلِّدي الغرب في هذا الزمان حتى صاروا كالقردة، فغَرَس في القلوب نموذجًا أَمثلَ للشخصية الربانية الرفيعة المستقلة.

وبديعُ الزمان أيضًا عالِمٌ جليلٌ، نَقَشَ في القلوب والعقول كيف يُبنى البلدُ المؤمنُ الحرُّ بسواعد أهله الأحرار.. وإن أبناء هذا البلد المعطاء لبِأمسِّ الحاجة إلى رجلٍ يحطِّم ما في داخله من أوثان المصلحة الشخصية كما فعل بديع الزمان.

ضياء نور

من طلاب كلية الحقوق

***

بديع الزمان سعيد نور

بديع الزمان سعيد نور

(1)

كبلدٍ يُعَدُّ مهدًا للعظماء والأفذاذ، شهِدت تركيا عبر تاريخها الطويلِ الكثيرَ من المجاهدين الأبطال والمجددين النبغاء والرجال العظماء!! جميعهم عاشوا فيها حياةً كريمةً مع وافر الاحترام والتقدير والإجلال، ولقَوا كلَّ الدعم والتسهيل للمضي في طريق الحق الذي سلكوه.. ورغم أن السنوات الخمس والعشرين التي خلت كانت على عكس هذه الصورة تمامًا، إذ كانت حقبةً سوداء لقينا فيها أقسى أنواع الظلم، إلا أنها أهدت إلينا رجلًا يتحلى بعبقريةٍ فذَّةٍ وفضيلةٍ نادرةٍ ونورٍ وضَّاء؛ عَرَكتْه التجارب والمِحَن، وسَما بعَظَمةِ إيمانه، وبلغ بجلالة قضيته أصقاعَ الدنيا.. لقد أضاء نورُه الكثيرَ من الضمائر المظلمة، وألهمت قوتُه الشَّجاعةَ لكثيرٍ من أهل الإيمان الضعفاء، وألهبت عبقريتُه الكثيرَ من المواهب الخامدة.. فمَن عسى أن يكون هذا الرجل العظيم سوى بديع الزمان سعيد نور؟!

إن الرجال الذين تلقَّوا على يديه دروس الفضيلة والتضحية بعد أن ضلوا السبيل وجدوا أنفسهم في واحاتٍ من النور والسعادة، وإن هذا الرجل المهيب الذي يحمل بين جنبيه من قوة الإيمان بقدر ما يحمل من العبقرية والجَلَد، كان الشخصَ الوحيد الذي تصدى للظلم والاستبداد الممتد على مدى خمسٍ وعشرين سنةً من غير أن يُوجَف له قلب، وقارعَه بشجاعةٍ إيمانيةٍ لا تعرف الرهبة والوجَل.

ولم يستطع العالَم الإسلامي مقاومة جاذبية هذا القطب، فرجلُ النور هذا المولودُ في قريةٍ نائيةٍ مَنسيَّةٍ بشرقيِّ تركيا قد سطع ضياؤه حتى بلغ أقاصي باكستان وأندونيسيا، فازداد ألقًا وازددنا به تألُّقًا؛ إلا أن ما يثير الأسف والأسى أن هذا الرجل المبارك المبجَّل الذي عاش بين ظهرانينا، وكسانا المجد والشرف، وأنار قلوبنا المظلمة، وردَّ التائهين

لقد سَمَّموا بديع الزمان

لقد سَمَّموا بديع الزمان

قبل سبع سنواتٍ من الآن، وفي حقبةٍ سوداء من تاريخ البلاد، حيثُ القوانينُ منتهَكة، وحقوقُ الناس مُستلَبة، والحريَّات مقموعة، والمصالح والأغراض الشخصية تعلو على القانون، نُفِي عالِمٌ جليلٌ طاعنٌ في السن قد ناهز الثمانين إلى «أميرداغ» بولاية «أفيون»، وسُجِّل رسميًّا في سجلات نفوسها، وفُرِضتْ عليه الإقامة الجبرية فيها.

أجل، نُفِيَ رجلُ علمٍ وفكرٍ جعل تبليغَ أحكام القرآن الكريم وإرشادَ الناس إلى طريق الحق والخير والفضيلة غايةَ حياته؛ ولقي على أرض وطنه الذي قاتَل على جبهاته وسقى ثراه من دمه ظلمًا وأذًى يُذكِّرنا بمحاكم التفتيش، ولم يترك الظَّلَمةُ شأنًا من شؤونه إلا تعرَّضوا له وضيَّقوا عليه فيه بما في ذلك هيئتُه وزِيُّه!! وسِيقَ إلى الموت تحت فوهات البنادق، ولم يذق راحةً حتى في منفاه، غير أن أبناء هذه البلدة «أميرداغ» شأنهم شأن كل الأتراك الذين ورثوا عن أجدادهم إكرام الضيف، وإغاثة الملهوف، ومساعدة الشيوخ وأبناء السبيل، هبوا لنجدة هذا العالِم الجليل ومساعدته، وعدُّوا ذلك واجبًا يُمليه عليهم ضميرهم وأخلاقهم.

لم تعرف سيرةُ هذا الرجل صلةً بأيِّ حزبٍ أو تنظيمٍ سياسي، وإنما هو عالِمٌ يحافظ على عزة الإسلام ويصون شرف العلم ووقارَه، ويترفع عن الدخول تحت مِنَّةِ أحدٍ في سبيل نيل منافع أو لذائذ دنيويةٍ فانية؛ وقد لقي ما لقيَه كلُّ صاحب إيمانٍ وفكرٍ ومبادئ في تركيا، فقد اقتُحِم منزله مراتٍ عديدةً للتفتيش، وصودِرت جميع كتبه ومؤلفاته بل حتى مراسلاته الشخصية، وسيقَ إلى المحاكم، وزُجَّ به في غياهب السجون دون جريرةٍ اقترفها؛ أجل، نقول: دون جريرةٍ اقترفها، لأن إلحاقَ الأذى بالأستاذ النُّورْسِيّ وتشويهَ سمعته كان محلَّ مفاخرةٍ ومباهاةٍ من الجميع، من الوالي إلى مدير الناحية إلى أصغر عنصرٍ

سعيد نور وطلابه

سعيد نور وطلابه

ثمة رجلٌ طاعنٌ في سنه، محظوظٌ في سعيه، تلتف حوله أجيالٌ شتى من أبناء الثامنة إلى أبناء الثمانين، أعمارهم متفاوتة.. أفكارهم متنوعة.. أعمالهم مختلفة.. لكنْ لا فرق بينهم رغم ذلك، فقد جمعهم الإيمان بالله رب العالمين، وبرسوله الأمين، وبكتابه الكريم؛ وتُنبئ أحوالهم عن أناسٍ وجدوا ما كانوا يبحثون عنه، ويتلقَّون القرآن غضًّا طريًّا كأنه أُنزِل اليوم.

حين يتأمل المرء في أحوال سعيد نور وطلابه يشعر وكأنه انتقل إلى عصر السعادة.. عصر الرعيل الأول، يرى النور يشع من مُحيَّاهم، ويتراءى في ظاهرهم وباطنهم، وتعلوهم سكينةٌ غامرة.. ويا لها من سعادةٍ أن يرتبط المرء بما هو طاهرٌ عُلويٌّ خالد.. وأن يتصل بخالق الأكوان، القريب الرقيب في كل مكان.. أجل، ما أسعد المرء حين يسلك هذا الطريق ويكون من عشاقه!!

سعيد نور رجلٌ مَخَضتْه التجارب، وعاش خلال عمره الطويل ثلاث مراحل: مرحلة المشروطية، ثم الاتحاد والترقي، ثم الجمهورية؛ وكلُّ واحدةٍ من هذه المراحل كانت ملأى بالتحولات والانحلالات والانهيارات، لم يبق فيها شيءٌ إلا تهاوى، سوى رجلٍ واحدٍ ظل صامدًا لم يتزعزع.. رجلٌ قَدِم من ذُرى الشرق.. من حيث تطلع الشمس.. وجاء إلى اسطنبول يحمل بين جنبيه إيمانًا كالجبال الراسيات.. تَقَلَّده درعًا تصدى به لشرور هذه المراحل الثلاث.

لم يعتمد إلا على ربه، ولم يتأسَّ إلا بنبيه.. هذا كل ما لديه.. وقف عزيزًا شامخَ الرأس كجبلٍ أشَمّ، لم يقدر ظالمٌ على حَنيِه، ولم يُجارِه عالِمٌ في علمه.. إرادةٌ صلبةٌ كالصخر، وذكاءٌ حادٌّ كالبرق.. ذلكم هو سعيد نور.. رجل المعنويات المدهش الذي لم تستطع أن تردَّه على عقبيه محاكمُ عسكريةٌ ولا ثوراتٌ ولا انقلابات.. ولم تفلح المنافي ولا مِنَصّات

بعد فراقٍ طويل

بعد فراقٍ طويل

لعلها سبعٌ وعشرون أو ثمانٍ وعشرون سنةً مضت لم أحْظَ فيها بلقاء الأستاذ.. ولطالما وددت أن أزوره وأمتِّع ناظري برؤية مُحيّاه المبارك، لكنَّ تزاحُم المشاغل لم يسنح لي بفرصةٍ من هذا القبيل، إلا أنه برغم هذا ظلَّ يسكن في القلوب، فكان حاضرًا معنا على الدوام بوجوده المعنوي؛ لكن أيكفي هذا ليطفئ لواعجَ الأشواق؟! كلا؛ فلقد أبانت فرحتُنا بلقائه ومعانقته ورؤية طلعته البهية عن عظيم شوقنا إلى لقياه ومجالسته.

لقد مضى على تعرُّفنا إلى الأستاذ أربعون سنة، كان في تلك الأيام كثيرًا ما يتردد إلى غرفة الإدارة [في «دار الحكمة الإسلامية» باسطنبول؛ هـ ت] فنقضي بمجالسته أمتع الأوقات، ونتجاذب معه أطراف حديثٍ عذبٍ يمتد لساعاتٍ بصحبة السادة الأفاضل محمد عاكف ونعيم وفريد وإسماعيل حقي الإزميري؛ وكان يتحدث في المسائل العلمية الدقيقة بلهجته الآسرة، فكانت القوة والعزة التي تطبع حديثه تثير مشاعرنا، وكان ذكاؤه الفطري الخارق وموهبته الإلهية يتجليان في تناوله لأعضل المسائل.

إنه صاحب ذهنٍ وقَّاد لا ينشغل كثيرًا بالنُّقول، وإنما مرشدُه القرآنُ وحده، فهو منبع ذكائه وفيوضاته، ومنه نبعت جميعُ لمعاته؛ وهو كذلك صاحبُ رأيٍ يبلغ به درجة إمامٍ مجتهد، إنه رجلٌ يحمل بين جنبيه قلبًا مُترعًا بالإيمان كصحابيٍّ، وتَعمُرُ روحَه شهامةُ عمر، يعيش في القرن العشرين بروحِ مؤمنٍ في عصر الرسالة، ليس له هدفٌ سوى الإيمان والقرآن.

رسالةٌ من طلاب النور بأنقرة

رسالةٌ من طلاب النور بأنقرة

إخواننا الأعزاء الأوفياء..

لقد آنسنا من رسالتكم قبسًا من شمس الإسلام، ولمسنا منها كيف تنتشر رسائل النور بين صفوف الشباب، مصلحةً ما أفسده أهل الكفر، الذين ما فتئوا منذ مئات السنين ينشرون أفكارهم التي تستهدف الإنسان وتضر بالإسلام.

إن عشاق الحق الذين سلكوا درب الحياة الأبدية على يد رسائل النور قد ولَّوا حياةَ اللهو والعبث ظهورَهم، وشرعوا يجتثون الكفر من جذوره، وإن طلاب النور إخوةٌ حقيقيون لأرباب القلوب وأهل الإيمان.

إن رسائلكم يا إخوتنا تبعث فينا الهمة والنشاط، ولقد علمتنا رسائل النور أن من الحماقة العظيمة في هذا الزمان أن يبقى المرء في الضلالة ولا يُنازلَ الكفر أو يجابهه، وإن أهم وظيفةٍ تؤدى في زمنٍ غلبت فيه قوى الشيوعية والماسونية والفوضوية الهدامة إنما هي القيام بخدمة النور، وتقديمُه لمن يحتاجه طلبًا لمرضاة الله تعالى وحده، وإن أعنف الهجمات التي تسعى لصدِّنا عن هذه الوظيفة العالية المهمة القيمة المباركة لن تزيدنا إلا ثباتًا وإصرارًا.

لقد علَّمتْنا رسائل النور وأثبتت لنا أن هذه الدنيا ليست سوى نُزُلٍ مؤقت، وأن من يطلب الحياة الأبدية يتبوَّأُ منزلته منها بحسب مراعاته لوظيفته في هذا النُّزُل؛ ومن هنا فإن أهم وظيفةٍ لنا هي المسارعةُ لإنقاذ أهل الدين الذين يطلبون الخلاص من المستنقع الذي وقعت فيه البشرية في هذا الزمان، ومدُّ يد العون للقلوب العطشى التي سَئِمت من الظلمات، وسبيلنا لهذا أن نكون أدلَّاء للنور نبدأ بأنفسنا ثم بمن حولنا؛ وأَولى ما يلزمنا في هذا المجال أن نُديم قراءةَ رسائل النور بتمعنٍ وتفكر، ونتمثَّل حقائق القرآن والإيمان التي تحتويها هذه المجموعة النفيسة؛ وحريٌّ بمن حظي بهذه النعمة الجليلة أن يكون فردًا نافعًا لنفسه ووطنه وأمته، يعدل في قوته ونفعه مئةً بل ألفًا من عامة الناس، وعندئذٍ يمكنه أن ينهض بخدمةٍ يتسع نطاقها لتعم الوطن وأبناءه وشبابه والعالَم الإسلامي بأسره؛ ونحن بهذا الخصوص نرجو الدعاء من الأستاذ بديع الزمان، ومنكم أنتم الذين تشرفتم بأن تكونوا طلابه الحقيقيين المخلصين.

وبما أن الأدلة المشيرة إلى قبول رسائل النور في هذا الزمان كثيرة، فإن من الطبيعي أن يساندها كلُّ مؤمنٍ منصفٍ؛ ثم ما دامت الرسائل تحمل طابع هذا العصر وتتمتع

بعض الرسائل المتبادلة بين بديع الزمان وطلابه بعد العام 1950 م

بعض الرسائل المتبادلة بين بديع الزمان سعيد النُّورْسِيّ وطلابه بعد العام 1950م

تهنئةٌ كُتِبت بمناسبة سماحِ الحزب الديمقراطي
برفع الأذان باللغة العربية

[صدر في العام 1932م قرارٌ رسميٌّ يمنع شعيرتَي الأذان والإقامة، ويَفرض بدلاً منها صيغةً أخرى بألفاظٍ تركية، واستمر الحظر حتى العام 1950م، حيث رُفِع بقرارٍ من الحزب الديمقراطيِّ الحاكم آنذاك؛ هـ ت]

إخواني الأعزاء الأوفياء..

نهنئكم بفرحٍ غامرٍ برفعِ الأذان المحمدي على عشرات آلافِ المآذن، ونعدُّه فاتحةَ أعيادٍ لكم ولهذا البلد وللعالَم الإسلامي، وبشارةً بسطوع الشعائر الإسلامية في هذه البلاد.

ونسأله تعالى أن يتقبل عبادتكم ودعاءكم في شهر رمضان المبارك الذي يُنيلُ عمرًا من العبادة ينوف على ثمانين سنة، ونَضرع إلى الرحمة الإلهية أن تجعل لنا كلَّ ليلةٍ من ليالي هذا الشهر الكريم بمثابةِ ليلةِ قدرٍ وتُنيلَكم ثوابها.

أرجو مساعدتكم المعنوية إذْ لا أقدر على تمام العمل في هذا الموسم المبارك لشدة ضعفي ومرضي.

سعيد النُّورْسِيّ

***

الخدمة النورية بعد سجن أفيون

الخدمة النورية بعد سجن «أفيون»

كانت مجموعات رسائل النور تُنشَر بواسطة آلةِ نسخٍ «بإسبارطة»، بينما كان الأستاذ يُعنى كعادته بالتدقيق والتصحيح، إلا أنه بعد السجن توزعت الخدمة النورية على عدة مجالات، فلم تعد محصورةً في مجرد نشرها نَسخًا بخط اليد أو بآلة النسخ، بل يمكننا أن نصف ما بلغته الخدمة في تلك المرحلة بما يلي:

اجتهد طلابُ النور في مختلف الولايات والنواحي والقرى في قراءة الأنوار وكتابتها وإقرائها ونشرها كلٌّ في محيطه.

أخذت رسائل النور شكل مجلداتٍ تُنسَخ بواسطة آلات النسخ في كلٍّ من «إسبارطة» و«إينَه بولو» وتُنشَر في شتى الأنحاء.

انتشرت الرسائل في كلٍّ من أنقرة واسطنبول، وباتت تُقرَأ من شتى فئات المجتمع، خصوصًا المتعلمين وطلاب الجامعات والشباب والنساء والموظفين الحكوميين، وارتبط بها كثيرٌ من الناس وعقدوا معها أواصر علاقةٍ معنويةٍ وثيقة؛ ولقد تَخرَّج من هؤلاء أفواجٌ من خَدَمَةِ الإيمان المضحِّين المخلصين، وأشرقت أنوار الإيمان في هاتين المدينتين المركزيتين.

أُعيدت جميع النسخ المصادرة، وفُتحت قنوات التواصل بين الجهات الرسمية وبين رسائل النور وطلابها، وأعلِن في تقريرٍ رسميٍّ أن رسائل النور تعمل لتحقيق سعادة الوطن والشعب والأجيال المقبلة.

واتخذت الحكومة الجديدة موقفًا إيجابيًّا تجاه الرسائل، ونظرت إليها نظرةَ تقديرٍ باعتبارها نورًا ساميًا من أنوار القرآن في هذا العصر، وتكفلت بنشرها في تركيا والعالَم الإسلامي والعالَم عمومًا عبر أحدث وسائل الاتصال.