«فصل» الحملية مطلقًا الخ..

 [«فصل» الحملية مطلقًا الخ..]([1])

اعلم أن طبيعة القضية أن يقّدم الموضوع ويقدم عليه سوره، لأنه كميّته. ثم النسبة… وتقدّم عليها جهتها، لأنها كيفيّتها. ثم المحمول، وقد تعدل عن طبيعتها.

وصدق الموجبة تقتضي صدق ثلاث قضيات ضمنيات:

الأولى: ثبوت المحمول للموضوع.

الثانية: ثبوت المحمول للموضوع بهذا السور.

والثالثة: ثبوته له بهذا السور ضروري مثلًا. وصدق السلب بعدم أحدها، والظاهر توجّه السلب إلى أخص القيود. فالكذب والصدق في المسوّرات باعتبار السّور، وفي الموجهات باعتبار الجهة.

تنبيه: وممّا يلزم للمحصِّل أن يراعيه أن لا يصيّر القاعدة منحصرة في المثال، كما تخبّط فيه كثير. فإن المنطق يبحث عن الضرورة واللاضرورة والدّوام، كذلك والإمكان. مع أن مرادهم من الضرورة، هي وما يرادفها من الوجوب واللزوم والقطعية حتى البداهة واليقينيّة.. ومن الإمكان، هو وما يرادفه من الصحة والجواز والاحتمال، حتى الشك.. ومن الدّوام، هو وما يماثله: كـ «أبدًا»، و«في كلّ وقت»، و«مستمرّ»، و«على كل حال» ونظائرها.. ومن «لا دائمًا»، و«لا بالضرورة» ليس لخصوصِ «لا» و«ضرورة» تأثير. بل قد يكون معنى «لا» في قالب الفعل صريحًا،([2]) أو ضمنًا.([3]) ومعنى «الضرورة» و«الدوام» قد يكون في ضمن الفعل والحرف. كـ«ينبغي، واستمر، وقط، وعوض، وإنّ».

وأيضًا قـد تكون هذه الجهات جهاتـًا لعقد الوضع.. وقـد تكون قيـودًا وأجزاءً للمحمول.. فتنبّه وإلّا تقع في حيص بيص.

ومما وجب التَّنَبُّهُ له: أن سلب الضرورة نقيض ضرورة السلبّ، وسلب الدوام نقيض دوام السلب، وسلب الإمكان معاند إمكان السلب. ففي القضية السالبة -إن قدرت السلب بعد الجهة- كان سالبة لموجبة موجهة، لا سالبة موجهة.. وإلّا فهي موجهة بتلك الجهة.

ثم إن الجهة كيفية النسبة باعتبار، ومادّة للقضية بأخرى. ولابد في نفس الأمر منها. فإن كانت في اللفظ أيضًا، فموجهة. ومن الموجهة المقيدةُ بالإطلاق.. وإلّا فمطلقة.

تنبيه: للنسبة حالات. فمن الإمكان الاستعدادي إلى الإطلاق سلسلة أفعال المقاربة.

ثم للثبوت صور وكيفيات؛ فمن صوره الأفعال الناقصة، ومن كيفيات إثباته أفعال القلوب وما يشير إليه الحروف المشبهة ونظائرها. وأساسها يرجع إلى الطبقات الثلاثة المشهورة. فإنّ النسبة ثبوت وهو وجود حرفيّ. والوجود بالنسبة إلى الشيء إما واجب، أو ممتنع، أو ممكن. وللوجوب والإمكان مراتب متفاوتة النتائجِ. والجهات التي بيّنها المنطقيّون، التي كثر استعمالها قليلة العدد.

اعلم أن أساس الموجهات([4]) إما اثنان، كالوجوب -وجودًا وعدمًا- والإمكان.. أو أربعة، كالضرورة، واللاضرورة، والدوام، واللا دوام.. ومنها السلاسل: أو ثلاثة عشر، أو بين خمسمائة وألف.

ثـم القضية مركبّة وبسـيطة. والمركبة قيـدها قضية ضمنية. وفي مقابلة كل ضرورة إمكانٌ. وأصول الضرورة ست: الضرورية الأزلية، والذاتية الناشئة، والذاتية المطلقة، والوصفية، والوقتية، وبشرط المحمول. لأن ضرورة ثبوت المحمول إما غير مقيّد قطعًا وهي الأزلية، أو مقيّدة بقيد داخل: كمادامَ الذات ذاتًا وهي الناشئة. ومادام الذات موجودًا، وهي الذات المطلقة. أو بشرط المحمول، أو بقيد خارج ناعت، وهي الوصفية بأنواعه الثلاث، بل عشرين، أو لا، وهي الوقتية بأنواعه الاثنين، بل أربعة وأربعين.

إن الضرورية الأزليـة مصداقها في الأوصاف الإلهية: الثبوتية والسـلبية([5]) وفي كثير السوالب.([6]) فإنه إذا سلب في وقت([7]) وجود الموضوع، استلزم عند عدمه بالطريق الأولى، وهو يستلزم أزلًا.

والضرورة الناشئة، وهي أن تنشأ من الذات. أعني مادام الحقيقة حقيقة، أي لا تنقلب إلى حقيقة أخرى الذي هو محال، لابد من المحمول. ومصداقها في الموجبات الأوصافُ الإلهية([8]) ليس إلّا. فإن بعدم العلم مثلا، ينقلب الواجب ممكنًا. وبعدم الناطق للإنسان يصير معدومًا، وهو ليس بمحال.


[1] كلنبوي ص20 س25.

[2] كـ«ليس».

[3] كـ«امتنع»

[4] كلنبوي ص22 س19 مضمونًا، وعلى الرغم من تضمن الكتاب مضامين كهذه فالموضوع مستقل إلى الأخير. ع. ب.

[5] والسبع.

[6] فيما علم عدم الثبوت في مدة الوجود. تأمل!

[7] كقولك: فلان ليس بعالم.

[8] التي هي عين الذاتي والسبع القديم لا الغير. تأمل!

فصل في العدول والتّحصيل… الخ

 [فصل في العدول والتّحصيل… الخ]([1])

اعلم أن بسبب العدول في تحصيل العدول والتحصيل عن الموجبة السالبة المحمول بظنّها سالبة أو معدولة، اختل كثير من قوانينهم، حتى الإيجاب في صغرى([2]) الأول، وحتى وجود الموضوع في الإيجاب.

فنقول أولًا: لمّا كان المعتبر في القضية الموجبة ذاتَ الموضـوع، ومفهومَ المحمول كان لعدول المحمول تأثيرٌ مهمٌ في صـورة القضية، فلهذا اعتبروا العدول. والسالبةُ المحمولِ؛ باعتبار المحمول أولًا وبالذات. وفيها إثبات: والشيء ما لم يثبت في نفسه، فالأصل أن لا يثبت لشيء. وما لا يثبت لا يثبت له شيء. والأصل ثبوت ما يظهره. فثبت أن الأصل تحصل عنوان الموضوع والمحمول. فلنا ثلاثة ملتبسة:

السالبة البسيطة. والموجبة السالبةُ المحمولِ. والموجبة المعدولة. فالأخيرة تفارقهما معنى، بقابلية الموضوع لمدخول النفي صريحًا أو ضمنًا، كالصريح بشخصه في زمان الحكم. وقيل مطلقًا.. وقيل بنوعه.. وقيل بجنسه.. وأيضًا، لأن الثبوت الحرفيّ فرع الثبوت الاسميّ. والعدميّ لا ثابت، فيشف عن أمر ثبوتيّ. وهذا([3]) لازمه البيّن ليتّسعه في الثبوت، ولفظًا بعين وغيره. وتفارقهما الموجبةُ السالبةُ المحمولِ بأنها مخمّسة الأجزاء، مكررة النسبة السلبية في الملاحظة. وقضية ذهنية باعتبار أن المحمول هو السلب الذي هو ذهني. ولا يلزم في موجبها إلّا وجود الموضوع في الذهن، ولو كان المحمول الظاهريّ خارجيًا. ومن هنا، تراهم يقولون: «هي كالسالبة البسيطة، لا تقتضي وجود الموضوع».

[تنبيه: قد يحكم بثبوت الخ]([4]) إن الموجبة المحصّلة تتلازم تعاكسيًا عند وجود الموضوع.. وملزومًا فقط بدونه، مع السالبة السالبةِ المحمولِ، والسالبة المعدولة. وإنّه تكرر النفيّ، فهما مع عدمه فيها. والسالبة المحصّلة تضادهما.. وتتلازم تعاكسيًا، إلّا في الذهن مع الأول. وبالتفصيل مع الثاني.


[1] كلنبوي ص19 س12.

[2] الشكل.

[3] أي العدمي.

[4] كلنبوي ص20 س17.

فصل: الحملية مطلقًا الخ..

[فصل: الحملية مطلقًا الخ..]([1])

الحملية تنقسم إلى خارجية وذهنية باعتبار الموضوع، لكن بالنظر إلى المحمول. ففي الخارج المستفاد من الخارجية ظرف لنفس النسبة والحمل، لا لوجوده([2]) حتى يوجد. ومن هنا يقال: لا يلزم من الحمل الخارجي أن يكون مبدأ المحمول خارجيًا.

ثم إن ذات الموضوع بعد إمكانه([3]) في نفسه إن وجد -ولو في زمان مّا- فخارجية([4]) خارجيةً ليس حقيقية. ففي الخارج([5]) ظرف لوجوده مع صدق العنوان عليه بالفعل أو بالإمكان. فإن لم يوجد وهو بحيث لو([6]) وجد([7]) واتصف بالعنوان، فهو([8]) بحيث لو وجد ثبت له المحمول، وما يستفاد([9]) من هذه الشرطيّة من اللزوم وأعميته للمحال غير مراد.([10]) فقد يقال:([11]) «ج. ب» بالإمكان، بالإمكان، بالإمكان. فالأوّل جهة القضية المستفاد من الذّات([12]) مع وجوده. والثاني منه مع عنوانه، عند الفارابي. والثالث منه مع المحمول([13]) ويدل على خارجية الخارجية كون المحمول من العوارض الخارجية.


[1] كلنبوي ص17 س12.

[2] (أي الحمل). أجير

[3] ولو كان محالًا عاديًا لا حقيقيًا.

[4] ليس ذهنية.

[5] غير الأوّل.

[6] لزومية.

[7] فعل شرط مقدّم. أي إنه ليس بمعدوم حتى تنقطع الروابط في الكائنات وليس بموجود حتى يلزم على الجزء الغير المتجزى موجودات كثيرة من الروابط، بل للنسبة من الأمور النسبية، كالأبوة والبنوة والأخوة وغيرها، ليس هذا ولا ذلك. (تقرير)

[8] جزاء شرط تالي.

[9] أي من تحليل موضوع الحقيقي بشرطية مصدّر بـ«لو».

[10] بل التعبير في التقدير يكون كذلك.

[11] أي إن لو يشتمل الحال الحقيقي وموضوع الحقيقي لا يكون كذلك. وأيضًا يستفاد منها اللزوم بين المحمول والموضوع، ومحمولُ الحقيقي أعمّ من كونه لازمًا وغيره، فأجاب. (تقرير)

[12] أي ذات الموضوع موجود.

[13] ورابعًا للمحمول.

فصل الحملية مطلقًا الخ

[فصل الحملية مطلقًا الخ]([1])

لمّا كان أول أجزاء القضية الموضوع انقسمت أولًا به،

فهو إمّا جزئي حقيقة([2]) أو حكمًا،([3]) وهو الواحد الاعتباري أي الكلُّ.. ومن هنا يقال: يراد باللفظ([4]) غيرِ الواحد الحقيقيّ المجموع، لا أقلّ.([5]) لأنه ليس مدلوله،([6]) وتسمى شخصيّة. ومحلها في المحاورات والمعاملات، لا في الفنون إلّا بتأوّلها في قوة([7]) الكلية..

وإما كليّ، فالحكم إما على مسمّاه([8]) كما في غير المتعارفة.. فإما([9]) مع جواز سرايته إلى الأفراد كالحمل في كلّ التعريفات على القول به أو مع عدم السراية، لكن مع الملاحظة كالحمل في المسائل المنطقية،([10]) أو بدون الملاحظة. كالإنسانُ مفهوم ذهنيّ([11]) أو موجود ذهنيّ. وتسمىّ قضية طبيعية، وموضوعها استقراءات العلوم الطبيعية في البعض.

وإما على ذاته([12]

فمع الإبهام مهملة([13]) في الخطابيات([14]) في قوة الكلية([15]).. وفيما المطلوب([16]) منه اليقين، كما في مقام الاستدلال في قوّة الجزئية. لأن البعض هو المحقق.


[1] كلنبوي ص6 س5.

[2] كزيد أو هذا.

[3] كأسماء العلوم ومراتب الأعداد مطلقًا.

[4] أي الجزئي الواحد الحقيقي فقط والكلي إما الواحد الحقيقي أو المجموع.

[5] أي أكثر من الواحد.

[6] (أي مدلول اللفظ). أجير

[7] وكونه في قوته بثلاثة أوجه؛ إما بكونه كبرى الأول، أو كانت كلًا مجموعيًا باستمرار الكلية، أو تذكر شخصيات بعدد أفراد الكلي.. تأمل! (تقرير)

[8] ومن المحمول الذات كما. الخ.

[9] أي أو منهما المفهوم فهو إما الخ.

[10] فيما المحمول كليًا منطقيًا.

[11] أي فيما المحمول معقولًا ثانيًا من الأمور العامة.

[12] (عطف على قوله: على مسماه).أجير

[13] أي يستعمل.

[14] وهو المبني على المبالغة كالتغزل والتمدح والتحسر والتأسف وغيرها. (تقرير)

[15] فيما يكفي فيه الظن.

[16] وهو الأصول مطلقًا.

فصل في الذّاتيّ والعرضي

فصل في الذّاتيّ والعرضي: ]([1])

الذْاتية والعرضية باعتبار الوجود،([2]) كما في الجوهر والعرض،([3]) والاسم والحرف..

وباعتبار السبب إن كان دائميًّا([4]) أو أكثريًا فذاتيّ، وإلّا فعرضيّ.

وباعتبار الحمل إن كان الموضوع موضوعًا بالطبع([5]) كالجزئيات([6]) والذوات([7]) إذا حملت عليهما صفاتها. ومن هنا([8]) الاحتياجُ إلى الأشكال الثلاثة،([9]) والحمل بالمواطأة، والمحمولِ من طبيعة الموضوع،([10]) والمحمولِ الأعمّ من الموضوع والمقوّم له ودائم الثبوت له وبلا واسطة، أي ثبوته لذاته أو لأمر يساويه، فقد مرّ.

وباعتبار المحمول ما يمتنع انفكاكه عن الشيء،([11]) وما يمتنع انفكاكه عن الماهية.. أي ما يمتنع ارتفاعه عن الماهية في الذهن؛ كالبيّن بالمعنى الأعمّ. وما يجب إثباته للماهية كاللوازم البيّنة بالمعنى الأخص. وكل من هذه الثلاثة أخص مما قبله..

وباعتبار الجزئيات فما دخل أو لم يخرج هو ذاتيًا.([12]) لأن العلّة في الوضع والاستعمال اللغوي تصير مرجحًا في المصطلح. فاللازم وجودها في الأكثر.

[الكليّ([13]) المحمول على شيء آخر كليٍّ أو جزئيٍّ، إن لم يكن خارجًا عن ذاته وحقيقتهِ، فذاتيّ له. سواء كان عينَ حقيقته -كالحيوان الناطق للإنسان- أو جُزءَهَا المساوي لها، مميّزًا لها عن جميع ماعداها، كالناطق له. أو جزءَها الأعمّ مميّزًا لها في الجملة، كالحساس والنامي، أو غير مميّز أصلًا كالجوهر والحيوان..([14]) وإلّا فعرض له سواء كان مساويًا لها، أو أخص([15]) مميّزًا عن جميع ماعداها، كالضاحك بالقوة أو بالفعل. أو أعمّ مميّزًا لها في الجملة([16]) أو غير مميّز أصلًا: كالشيء.([17]) جميع ذلك للإنسان].


 

[1] كلنبوي ص8 س8.

[2] الخارجيّ.

[3] والذهني.

[4] أي إن كان ترتب المسبب على السبب دائميًا أو أكثريًا فالسببية ذاتية، كالموت على قطع الحلق ورمى التِّفِنْك [أي البندقية]. وإلّا فعرضيّ كالموت على الحمّى. (تقرير)

[5] وكذا المحمول.

[6] إذا حملت عليها كليّاتها.

[7] أي فذاتيّ وإلّا فعرضي.

[8] أي هذه النقطة يُعلم ويَحصُل الاحتياجُ.. الخ

[9] غير الأول.

[10] نحو الحجرُ متحرك في العلو.

[11] أي في الخارج.

[12] كأنّ قائلًا سئل: إذا فسّرت ما دخل بلم يخرج، دخل ما عينه كالنوع. فالنسبة في الذّاتيّ فيه إلى نفسه؟ فأجاب.

[13] أراد مطلقًا ليوافق الممثل التمثيل.

[14] لأن التمييز التفريق، يقتضي الاشتراك، وليس فوقه جنس حتى يشترك الإنسان معه فيميّزَ عنه. وأما الاحتراز عن العرض فالإنسان مميّز بالذات عنه ليس بالجوهر. أما الحيوان فهو باعتبار اشتماله على الجوهر، لم يبق موضع للاشتراك. والإنسان ممتاز من أفراده باعتبار اشتماله على الفصول. وأما فصوله مستقلًا فيميّز الإنسان.. (تقرير)

[15] مطلقًا.

[16] كالماشي.

[17] والممكن والموجود والمعلوم..

فصل في الكليّ والجزئي

[فصل في الكليّ والجزئي]([1])

[إذا علمت شيئا يحصل في ذهنك منه صورة،([2]) وهي من حيث قيامها بخصوصية ذهنك علمٌ. ومع قطع النظر عن هذه الحيثية معلوم ومفهوم.

فذلك المفهوم بمجرد النظر إلى ذاته – إن لم يجوّز العقلُ اتحادَه مع كثيرين([3]) في الخارج([4]) فهو جزئي حقيقي كـ«زيد المرئي».. وإلّا فكلي. سواء امتنع فرده في الخارج كشريك الباري تعالى واللاشيء، ويسمى كليًا فرضيًا، أو أمكن ولم يوجد كالعنقاء أو وجد الواحد فقط مع امتناع غيره كواجب الوجود، أو مع إمكانه كالشمس.. أو وجد متعدد محصور كالكواكب السيارة. أو غير محصور كالإنسان… وذلك الاتحاد هو معنَى حملِ الكليّ على جزئياته مواطأة وصدقه عليها. إما في الواقع، إن كانت الجزئيات موجودة فيه.. أو في الفرض؛ إن لم توجد إلّا في مجرد الفرض]


[1] المفرد والمركب قسمان. للفظ أولًا وبالذات، وللمعنى ثانيًا وبالعرض. والكلي الجزئي بالعكس. (تقرير)

[2] اعلم أن الصورة الحاصلة من الشيء عند العقل باعتبار تكيف الذهن واتصافه بها (أي بالصورة) علم. (يعني كما أن المرآة بَنْجَرَةُ (أي نافذته) عالمِ المثال بِمُلْكِهِ قطعة زجاج كالقرطاس؛ فيزين ويتكيف نفسه وصورته بأي لون من أي شيء قابلته. وبملكوته واسع وعميق ترتسم الأشياء الغير المتناهية فيه، فيكون ظرفًا لها.. كذلك الذهن بَنْجَرَةُ عالم الغيب بملكه موجود الخارج. لأنه قطعة لحم من البدن، إما في الرأس أو الصدر، يزين ويتصف ويتكيف بلونه المأخوذ من الأشياء.. وبملكوته واسع الخ). وباعتبار مظروفيته لها معلوم (أي بالصورة) ومفهوم ومدلول ومعنى ومسمى ومعقول ومقصود لترادفها. وهو (أي المعلوم) موضوع هذا العلم، فلزم البحث عنه، فهو قسمان: جزئي وكلي… وذكر الجزئي في المنطق استطرادي، لأنه يبحث عن المضبوطات. والجزئي لكونه غير متناهي ومتغيرًا أحوالُهُ، غيرُ ثابت. فلا يفيد الكمال (يعني النقطة والدرجة المقدرة للإنسان هو الكمال الحكمي، وهو التشبّه بالواجب. والحكماء يعبّرون عنه بالتّشبه بالمبادي العالي.. الخ. ونحن «باللوح المحفوظ» أي إن الإنسان ككاغد بيض قابل للارتسام). الحكمي، المعبر بالتشبه بالمبادي العالي والعقول العشرة (وهم الملئكة العظام) المائل إليه (أي الكمال) إليهم كل النفوس التي تكون خريطة للعالم. وإنما ذكر (أي الجزئي) لأن الأشياء إنما تعرف بأضدادها. لأن الأمور النسبية كالحسن والشجاعة مثلا لا توجد ولا تتصور بدون تصور القبح والجبانة.

[3] (قوله: اتحاده مع كثيرين.. الخ) أي اشتراكه – كما عبّر به كثيرون..

إن قيل: إن كان المراد بالاشتراك التجزّيّ يلزم أن لا يوجد الكليّ بكله في جزئياته. وإن كان الاشتراك بكله مع كل جزئيٍ، يلزم ثبوت الشيء الواحد في أمكنة متعددة في آن واحد. وإن كان الاتحاد مع كل جزئيٍ، يلزم اتحاد الجزئيين في الخارج بالواسطة..؟ (لأن متحد المتحد متحد)

    قلنا: المراد اشتراك الجزئيات فيه (أي في الكلي) تخييلا واتحاده معهن. وهما كمطابقة روابط المركز إلى نقطات الخطّ المحيط له (أي المركز). أو كتساوي نسب موزونات الحقّة. أي (تفصيل للاشتراك) كأن -فرضًا- أن تلبس نقطةُ المركز أو الحقةُ لبسَ نقطة من نقطات المحيط أو الموزونات، أو (تفصيل للاتحاد) انتقل المركز من موضعه وسار في رابطة نقطة يصير عند الوصول نفسه وعينه. وبقاعدةِ: الحقائقُ لا تتحد (ولا العبث في الأشياء) فإن الكليّات متقررة في أذهاننا، وكلاء فيها للجزئيات. كما أنهنّ نوّاب لها في الخارج، وهما متغايران ذاتًا، فلا تتحدان. فإذا قربّنا الجزئيات بالملاحظة منهنّ يفنين، فنظن أنهما اتحدا، وليس كذلك. فاشتراك الجزئيات فيه خيالي. واتحاد الكليّ معهنّ وهميّ، والتجزي مردود.

  والكليّ قسمان:

 ممتنع أفراده، كشريك الباري. بل كلّ المحالات ونقائض الأمور العامة لإجماع النقيضين (على فرض الأفراد) بوصول الشيئية للثاني (لا للأوّل وهو شريك الباري)

   وممكن أفراده، لا يقال: إن الواجب داخل فيه، فكيف يقابل الممتنع. مع أن سَلْبَ الضرورة من جانب فيهما. لأن (علة للنفي) للممكن بالإمكان العام ثلاث صور: سلبها من جانب الوجود، ومن جانب العدم، ومطلقًا. فالممتنع من الأوّل، والواجب من الثاني، والثالث غير معتبر، وهو (أي الممكن) قسمان أيضًا:

معدوم أفراده في الخارج كالعنقاء. بل كلّ شيء مخالف للعادة الجاري (بين الكائنات) ولقانون العالم. لأن (علة العدم) شرائط الحياة لا تساعده.

  وموجود. وهو قسمان:

   ما الموجود واحد مع امتناع الغير -كواجب الوجود-، أو إمكانهِ -كالشمس- لأن لكلّ ماهية في الذهن تعيّن وهويّة.. وفي الخارج تشخّص وهَذِيَّة. فإذا فرضنا الأفراد للأول في الخارج تعلّق بها تشخّصه، وهو لازم الماهية فيه، فتتعلق به أيضا، فيصير المفروض نفس الموجود. فلم يحصل المراد. وإذا فرضنا للثاني تعلق بها تشخصه، وهو كاللازم فيكون ممكنًا، ولكن بموافقة انتظام عادة الله وعدم العبث في خلق الأشياء لا توجد، لاستغناء نظيره عنه.

   أو متعدد محصور، كالكواكب السيّارة. وليس المثال للكليّ بل مِصداقه. والكليّ يونانيّ ليس في العربية مرادفه. وكل ما نسب للعالم العلويّ كذلك. بل بعض مصنوعات النفوس الناطقة لقلة الأسباب المشخصة لها.

    أو متعدد غير محصور عندنا، وغير متناهي عند الحكماء. وذلك لتعدد الأسباب المشخصة لها. (تقرير)

[4] (قوله: في الخارج…..) احتراز عن زيد إذا تصوّره جماعة. لأن المراد اشتراك الذهنيّ الظلّيّ في الخارجيّ الأصليّ، لا العكس، (وهو اشتراك الخارجي في الذهنيّ، أو الذهني في الذهنيّ، تأمّل)!…

   والفرق بين الجزئيّ الحقيقي والكلي الفرضي: أن الثاني فرض ممتنع بالإضافة، أي الفرض ممكن والمفروض ممتنع. كباب مفتوح في موضع غير ممكن الوصول إليه والأول بالتوصيف، أي الفرض ممتنع كالأفراد من حيث له. كباب مغلق في موضع ممكن الوصول إليه لا الدخول. وإنما ذلك، لأن على تقدير الإمكان يجتمع الضدّان لأن الفرض مستلزم وجود المفروض في الذهن. ويستلزم عدم التشخّص في الخارج للجزئيّ. وهو جزء الجزئي الموجود في الخارج. وعدم الجزء مستلزم لعدم الكلّ، فاستلزم الفرض وجود الشيء (وهو الجزئي في الذهن) وعدمه بالواسطة وهو محال. (تقرير)

مقدمة

تعلييقات

على برهان الكلنبوي

في المنطق

تأليف

بديع الزمان سعيد النورسي


مقدمة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ومن والاه؛ وبعد؛

فهذه الرسالة هي المخطوطة الوحيدة، وكانت تُظن أنها مفقودة، لذا فما إن أُعلن عن العثور عليها حتى بادر العالم الفاضل زين العابدين الآمدي إلى تبييضها بوضوح على النمط القديم. أما الأخ الكريم عبدالقادر بَادِللِّى فله قصب السبق في تبييض الرسالة وتنسيقها وتنظيمها ووضعِ أرقام لهوامشها؛ فقد بذل جهودًا مضنية وصَرَفَ من وقته أياما بل شهورًا وسنين عدة في فرز الجمل المتداخلة والهوامش المتراكبة، وتَرْجَمَ بعض فقراتها إلى التركية، فهيأ نسخة منسقة محققة، وأهدى لي نسختها المصورة.. فجزاهما الله عنّا خير الجزاء وأجزل ثوابهما؛ لذا اقتصر عملي في الرسالة على الآتي:

1 – عرض النسخ بعضها على بعض وهي:

أ- النسخة الخطية الأصلية بخط الملا حبيب.

بـ- نسخة خطية مبيّضة للعالم زين العابدين الآمدي.

جـ- نسخة خطية مبيضة منسقة للأستاذ عبدالقادر بادللى.

د- نسخة خطية تبدأ من ص44-59 أهداها لي الأخ الكبير سعيد أوزدمير.

2- تنسيق الرسالة مجددًا بوضع متنها في أعلى الصفحة تتخلله متون «الكلنبوي» ووضع الهوامش المذيّلة في النسخة الأصلية بـ«تقرير» والهوامش الجزئية الموجودة بين الأسطر في أسفل الصفحة.

3- اكتفيت بمقابلة الأخ بادللي لمتن الـ«كلنبوي» فكل هامش يشير إلى صفحاته منقول مباشرة من نسخة الأخ الفاضل، كما أن كل هامش مذيل بـ«ع. ب» فهو منه أيضًا.

وحيث إن باعي قصير في علم المنطق، لم أقم بعمل علمي يُذكر خلا ما ذكرت، إلا أن المولى القدير منّ عليّ بمن له إلمام بهذا العلم، فكمّل ما قصرت عنه من تنسيق وتهميش فقابل الرسالة والمخطوط وراجعهما وضبط كثيرا من كلماتها، وهو الأخ الفاضل «أجير أشيوق المحترم» فجزاه الله عنا خير الجزاء وأجزل ثوابه… والحمد لله أولًا وآخرًا.

إحسان قاسم الصالحي


في الصفحة الأولى من المخطوط ما ترجمته:

«إلى حضرة الأخ الكبير! أقدم لحضرتكم تقريراتكم في أثناء تدريسكم للـ«برهان» والمسماة بـ«تعليقات» بخط المرحوم الشهيد الملا حبيب راجيًا دعواتكم مقبّلًا أياديكم الكريمة»… وفي صفحة تالية:

«أيها الناظر إلى هذه الأوراق التي تتقطر عبرًا.. هذه صفحاتُ مسوّداتِ رسالةٍ في المنطق ألّفها الأستاذ بديع الزمان سعيد النُّورْسِيّ في مدينة «وان»، في أثناء تدريسه لطلابه، ولا سيما لأخيه وطالبه الملا حبيب ولَمّا أتمّها حيث اندلعت الحرب العالمية الأولى..وفي خضم سيل الزمان الجارف، فارق الأَخَوان أحدهما الآخر. وكانت نهاية المطاف أن صار الأخ الصغير المسمى عبدالمجيد مفتيًا في «أُورْكُوبْ» سنة 1940 فاستقر فيها.. وكان يحتفظ بهذه المسودات ذكرى تلك الأيام التي خلت. ولكن هيهات.. هيهات.. مضى ذاك وذهب.. ومضى الآخر وذهب. ومرّ الزمان ومضى! فيا ترى هل سيظهر من يتصفح هذه المسودات ويقرؤها؟ وهل سيأتي ذلك الزمان؟ هيهات.. هيهات.

سأجول مع همومي وأحزاني حتى المحشر

فهذه أقدارنا نتحملها.. أيها الحبيب!

عبدالمجيد»


وفي نهاية المخطوط ما ترجمته:

«إن هذه الرسالة الموسومة بـ«تعليقات» هي ما كتبه بديع الزمان سعيد الكردي من حواشٍ على كتاب «برهان كلنبوي» ودوّنها أحبُّ طلابه اليه والملازمُ له في الدرس الملا حبيب، فسجل هذه التقريرات من بديع الزمان على صورة حواشٍ وهوامش.. كان ذلك في سنة 1329هـ ثم اندلعت الحرب العالمية الأولى وذهب بديع الزمان والملا حبيب كواعظين مع فرقة «وان» إلى جبهة القتال في «أرضروم»، وعادا معًا بعد عام وقد احتُلت «وان» من قبل الأرمن، فانسحبنا إلى قضاء «كواش» واستشهد الملا حبيب هناك، فحملتُ الرسالة التي خطها طوال سني الهجرات من مدينة إلى أخرى ومن قصبة إلى أخرى حتى حللنا في مدينة «ملاطية» سنة 1940 ومن هناك مفتيًا في قضاء «أُوركُوب».

كانت الرسالة أوراقًا متفرقة فجمّعتها وجلّدتها، على أمل أن يأتي زمان ويُبعث العلم والدين من جديد، ويظهر في الميدان أناس يقرؤون أمثال هذه الرسائل. وعندئذٍ يقدَّر قدرُها ويُعلم ما فيها من فكر عميق وذكاء نافذ. ولكن هيهات.. فلا ذاك الزمان يأتي، ولا أولئك القراء يظهرون. والسلام..

عبدالمجيد1951»

اعتذار

اعتذار

لئن أدركتَ في شرحي فتورًا      ووهنًا في بيـاني للمعـاني

فلا تسند لنقصي إن رقصي          على مقدار تسعيد الزمان

لأني زمانا ما حشرت ما رشح من فكرى شرحا على حاشية الأستاذ، كنت فاقدًا للراحة والشباب مفلوجَ الذهن غائبًا عن الأمثال والأقران، شريدًا عن الوطن وقد صرت كالهائم، بل كالبهائم، بل كالبوم، دائرًا عائشًا في الأقفار، هاربا عن شرور الأشرار، تخطرت حينما تصورت ما قاله ابن الفارض:

وأبعدني عن أربُعي بعد أربَع     شبابي وعقلي وارتياحي وصحتي

فلي بعد أوطاني سكون إلى الفلا      وبالوحش أُنسى إذ من الأِنس وحشتي

نعم، من كان راكبًا على كاهل الغربة، وكان أنيسا بالوحشة، وجليسه الوحدة، وسميره الكربة، وموطنه الخربة، هل في الإمكان أن تخلو كتبته عن الخطأ والسقطة، لاسيما إذا كان المشرحة كأمثال «قزل إيجاز» بالغة من الإغلاق والإيجاز، إلى حيث دون حلها خرط القتاد، وخرق الإعجاز. فالمرجو من النظار، ذوي دقة الأفكار، وَحدّةِ الأبصار، أن يصلحوا خطيئاتي، ويصححوا غلطاتي، ويبينوا ما عجز عن حله فكري، وضاق عنه صدري، وكَلَّ عن بيان متنه متني، وعمي عن رؤيته طرفى وعيني… على أنى ما كنت من رجال هذا الرهان، ولا بذي شأن في هذا البيان، أوان شبابي وأنا ابن ثلاثين، فكيف بي هذا الامتحان وأنا ابن ثمانين، ولهذا قد بقى مواضع باكرة غير مفضوضة بفكري أحلتها لذوى الأفكار الثاقبة، من دهاة أذكياء الاستقبال بعد خمسمائة سنة.

عبدالمجيد


ومما يدل على درجة دقة الأستاذ سمكا وعمقا في أوائل شبابته:

أنْ سُئِل -وهو ابن عشرين- عن ثنتي عشرة كلمة على هذا الشكل «فيل» بلا نقطة ولا حركة. وقيل له -والقائل الشيخ أمين البتليسي- إن أصبت في تنقيطها وتحريكها وتفسيرها نحن نعدك من الأذكياء وإلّا فلا يبقى لك بين الأذكياء «لا رفع، ولا نصب، ولا جر». وكان الأستاذ حينئذ حافظا لما في القاموس من اللغات إلى باب السين.. فبالاستمداد بما حفظ أجاب بعد ثلاثة أيام: ولقد أصاب فيما أجاب – هكذا: كتب أولا الأشكال [فبل. فبل. فبل. فبل. فبل. فبل.فبل. فبل. فبل. فبل. فبل. فبل. ثم وضع على الحرف الأول من كلها نقطتين وتحت الحرف الأوسط أيضا نقطتين من كل تلك الأشكال إلّا الخامس وضع تحته نقطة واحدة ثم حركها هكذا:

قِيلَ [1] قَيّلْ [2] قَيْلَ [3] قَيْلٍ [4] قَبْلَ [5] قَيْلٍ [6] قِيْلَ [7] قَيْلٍٍ [8] قِيلَ [9]
قَيْلُ [10] قَيْلٍ [11] قُيِّل [12]

ثم فسَرها هكذا:

[1] [قِيلَ] ماضي مجهول من القول.

[2] [قَيّلْ] أمر من باب التفعيل بمعنى الإعطاء.

[3] [قَيْلَ] اسم بعير.

[4] [قَيْلٍ] اسم رجل والتركيب إضافي.

[5] [قَبْلَ] ظرف.

[6] [قَيْلٍ] أي العصر. والتركيب إضافي.

[7] [قِيْلَ] أي اللبن.

[8] [قَيْلٍ] اسم من أسماء الإبل.

[9] [قِيْلَ] ماض مجهول.

[10] [قَيْلُ] البعير.

[11] [قَيْلٍ] أي ذلك الرجل.

[12] [قُيّلْ] أعطى له اللبن.

فصل في التناقض

فصل في التناقض

تناقضٌ [1] خُلفُ القضيتين [2] في كيفٍ [3] وصدقُ [4] واحدٍ أمرٌ قفى

[1] اعلم أن الاثنينية إن كان فيهما الاتحاد؛ ففي الماهية وأخصِ الصفات «التماثل».. وفي الجنس «التجانسُ».. وفي الكيف «التشابهُ».. وفي الكم المتصل «التوازي».. وفي المنفصل «التساوي».. وفي الوضع «التشاكلُ».. وفي الملك «التلابسُ».. وفي الأينِ «التجاورُ».. وفي الإضافة «التناسبُ».. وفي متى «التعاصرُ».

وإن كان فيهما الاختلاف فمطلقا «التغاير» ثم «التخالف».. ومع امتناع الاجتماع «التقابلُ».. ومع وجود الطرفين مع الدور المعي «التضايفُ».. وبدونه «التضادّ».. وفي الوجود «التعاند»، وفي الصدق «التباينُ».. ومع عدم أحد الطرفين بشرط قابلية المحل «عدمُ وملكة».. وبدون الشرط في المفرد «التنافي».. وفي الجملة «التناقض» وقد يعمم..

ثم اعلم أن نقيض كل شيء رفعُه، والرفع لا يحتاج إلى بيان، إلا أن الرفع لما لم يتحصل دائمًا -وقد احتجنا للقياس الخلفي إلى نقائض محصلة، أي معينة مضبوطة- وضعوا شرائط وقيودًا لتحصيل النقائض…

[2] أي هنا إذ المراد ما لا يجتمعان ولا يرتفعان، وفي المفردات قد يترفعان «كالحجر والشجر عن الإنسان».([1])

[3] أي بشرط الاختلاف والاتحاد في واحد أو ثلاثة، أو ثمانية، أو ثلاثة عشر، فالاختلاف في الكيف، والكم، والجهة، ثم النتيجة في الصدق، والاتحاد في النسبة، أو المحكوم عليه وبه، والزمان، والمكان، والشرط، والإضافة، والجزئية أو الكلية، والقوة أو الفعل في الطرفين.([2])

[4] أي المستلزم بالذات لكذب الأخرى([3])..


[1] (أي هنا) دفع بعلاوة هذا القيد ما يَرِد: من أن التعريف أعم إذ (الخلف) يشمل الحجر والشجر. ولا تناقض بينهما. فأشار إلى أن المقصد بيان التناقض في القضايا لا مطلقا فلا إشكال…

[2] (في واحد) أي النسبة الحكمية (أو في ثلاثة) أي الموضوع والمحمول والزمان (هذا عند الفارابي).. (أو ثمانية) هي وحدة الموضوع والمحمول والزمان والمكان والشرط والإضافة والجزء أو الكل والقوة أو الفعل (أو ثلاثة عشر) هي الدائمتان والعرفيتان والمشروطتان والوقتيتان والوجوديتان والممكنتان والمطلقة العامة (في الصدق) متعلق بالاختلاف المقدر بعد (ثم) المضاف إلى (النتيجة)..

[3] (أي المستلزم بالذات) احتراز عن قولنا (هذا إنسان هذا ليس بناطق) إذ الواسطة هنا مساواة المحمولين لا لذاته..

مقدمة في المحرَّفات

مقدمة في المحرَّفات

اعلم أن أرجحية الإفادة والإعلام -لتصوير الشيء على ما هو عليه- حرّفت طبيعة المسائل عن قانونها.. فكم من «شرطية» تجلت في لباس «الحملية». و.. «حملية» تَزَيَتْ بزيها. و.. «متصلة» احمرت تحت «المنفصلة». و..»كلية» استترت تحت «الجزئية». و.. «موجبة» تبرقعت «بالسلب». ورب قياس اندمج في «قضية». و«القضية» اختفت في «صفة أو قيد بل حرف». «وكم» من المعاني الطيارة: توضعت على أحد أغصان الكلام.. وكم من كلمة: تشرّبت طائفة من تلك المعاني..

وتحقيقه: أن كل علم يبحث-أي بالحمل الثبوتي- عن الأعراض -أي الصفات التامة- الذاتية -أي اللازمة الشاملة الواجب الثبوت- للشيء – أعني الموضوع.. فكانت مسائل كل علم «قضايا حملية موجبة كلية ضرورية في الخارج نظرية في الذهن».. «فما ترى» من الشرطيات والسوالب والجزئيات والممكنات والبديهيات – فإما من المبادئ التصورية، أو المبادئ التصديقية، أو الاستطراديات، أو متأولة بوجه من وجوه التلازم، أو مقدمة من مقدمات دليل المسألة أقيمت مقامها.. تأمل!.

كلية [1] شخصية والأول  إما مسوّر [2] وإما مهمل [3]

والسور [4] كليًا [5] وجزئيًا [6] يرى [7] وأربع [8] أقسامها حيث جرى [9]

[1] أي ما فيه اشتراك.. فإن نظر إلى الطبيعة فإما مع جواز سرايته إلى الأفراد، كالحمل في التعاريف على القول بقضيتها، أو بدون السراية مع ملاحظة الأفراد، كحمل المعقولات الثانية على الأولى، في كل ما يرى، أو بدون الملاحظة وبدون السراية كـ «الإنسان مفهوم ذهني». فهذه الثلاثة طبيعية..

ومنها الكل المجموعي وكل مراتب الأعداد. وهي في حكم الكلية في كبرى «الشكل الأول»([1])..

[2] أي التي مناط الحكم نصب العين كميتها([2])..

[3] وهو في المقام الخطابي في حكم الكلية. والاستدلال في حكم الجزئية.([3])

[4] اعلم أن للسُورِ مقامات مختلفة وصورًا متفاوتة؛ فقد يدخل على المحمول ويصير القضية منحرفة اللطائف..

ثم إن القضية تتضمن قضايا ضمنية بعدد القيود.. فكأن الحكم لما تداخل بين القيود أنبت في كل قيد حكمًا ضمنيًا يشار إليه بالإعراب. ففي «كلُّ مؤمن حقُّه الصدقُ بـالضرورة» أولًا: إثباتُ حقية الصدق للمؤمن. ثم ثبوت حقية الصدق للمؤمن عمومي. ثم ثبوت حقية الصدق لعموم المؤمن ضروري.

اعلم أن العكسين والتناقض والقياس -كما تنظر إلى القضية الأولى- تنظر إلى القضيتين الأخيرتين وتتنوع بسببهما.. فإن أحببت أن ترى تفاصيل السُورِ وتفاسير الجهة، فانظر في «تعليقاتي» على «الكلنبوي»: إذ إنها أجدى من تفاريق العصا([4])…

[5] أي لا المجموعي بل الإفرادي، لا البدلي بل الاطلاقي.

[6] أي يدل على البعض ولو في ضمن الكل، لأن أهل الاستدلال لا ينظرون إلى المفهوم المخالف، بسرّ ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِه عِلْمٌ (الإسراء:36)([5])

[7] أي فينقسم، فيكون، فيرى، إذ وجود المقسم بوجود الأقسام([6])..

[8] أي ينقسم باعتبار الكيف، فتتربع الأقسام فأينما صادفته فهو أحد الأربعة…

[9] أي لا يتشعب بالجريان ولا ينقسم بتنوع العروض.


[1] (أي ما فيه اشتراك) «ما» موصوفة شاملة لكل الكليات كما قال (فإن نظر الخ) أي إلى ذلك المفهوم المشترك إذا حكم عليه. فأما جواز سراية الحكم إلى الأفراد -كما في حمل التعاريف على المعرفات- كحمل (الحيوان الناطق) على الإنسان. أو مع عدم جواز السراية. لكن مع ملاحظة قبول الأفراد ومناسبتها لذلك الحكم كحمل المعقولات الثانية على الأولى مثل (الإنسان نوع). أو لا سراية ولا ملاحظة مثل (الإِنسان ذو مفهوم ذهني). فهذه الثلاثة من الكليات الطبيعية…

    (ومنها) أي من الكلية لا الشخصية (الكل المجموعي) لأن له أجزاءً بمنزلة الجزئيات للغير. (ومراتب الأعداد) كالعشرة والمائة وما بينهما لأنها وإن لم تكن من الجموع لكنها في كبرى (الشكل الأول) في حكم الكلية…

[2] (أي التي مناط الحكم الخ) تذكير (المسور) وتأنيث الضمير في (كميتها) دليل على أن (التي) صفة (الكلية) أي الكلية التي مناط الحكم كميتها.

[3] (في المقام الخطابي) أي في الظنيات..

[4] (كما تنظر إلى القضية الأولى الخ) يعنى «أن الموضوع والمحمول» في القضية الأصلية -كما أنهما منظوران في العكسين والتناقض- كذلك القيودات الدالة على الكمية والكيفية والجهة في القضية الأصلية معتبرة وملحوظة فيها. وبسببها تتنوع المحصورات والموجهات..

[5] (لأن أهل الاستدلال) دفع لما يقال: إذا قلت «بعض الإنسان حيوان» ينفهم من المفهوم المخالف أن البعض الآخر ليس بحيوان. وجه الدفع: أنهم لا ينظرون إليه..

[6] (أي فينقسم الخ) إشارة إلى ما يَرِد على الناظم: من أن رؤية الأقسام بوجودها وهو بعد انقسام القسم. ولا يكفي انفهام الأقسام بالرؤية والجريان بين الناس. بل لابد من التقسيم صراحة..