مدخل
لا بدَّ لنا بدايةً من الاعتراف بأنَّ هذه السيرة قاصرةٌ عن إيفاء حياة الأستاذ الجليل حقَّها بكلِّ ما حوتْه من معانٍ، فقد أُوجِزتْ فيها مسائلُ كثيرة، وطُويتْ وقائعُ وأحداثٌ عديدة، كان من شأنها أن تسلِّط الضوء على مزايا شخصيته، وتؤيد ما ورد من أفكار وقضايا، ولم يكن سببُ هذا الإيجاز والطَّي سوى أن الأستاذ لم يرضَ بالاستفصال فيها.
لقد جاءت المباحث المتعلقة بشخصه موجزةً غاية الإيجاز لأسبابٍ عدة؛ منها: أن الأستاذ كان يذكر منذ سالف عهده -سواءٌ في دروسه أو في رسائله- أن هذا الزمان زمان الجماعة، وأن أثرَ المزايا والكمالات الشخصية في الخدمة الإيمانية لا يضاهي بحالٍ أثرَ الشخص المعنوي؛ ومنها: أنه كان دائمَ التنبيه على وجوب النظر إلى رسائل النور النابعة من القرآن الحكيم أكثر من النظر إلى شخصه الفاني، وأن جميع القيم والفضائل إنما تعود إلى الحقيقة القرآنية المتجلية في رسائل النور؛ ومنها أيضًا: أنه عندما عَلِم بإعداد هذه السيرة الذاتية أرسل قائلًا : «لا داعي للتفاصيل، اكتبوا المباحث المتعلقة بخدمة رسائل النور فحسب»، ولهذا لم يكن منا إلا أنْ عَمَدْنا إلى الرسائل والمدافعات ذات الصلة بحياته في أوقاتٍ مختلفة، والتي لها تعلُّقٌ بالخدمة النُّورية أكثر من تعلُّقها بشخصه، فأوردناها على هيئة مقالاتٍ وخواطر تعبر بدرجةٍ ما عن أحواله في ذلك الحين.
إن هذا الكتاب بصورته هذه يشكِّل مصدرًا حقيقيًّا للباحثين من طلاب النور في المستقبل، كما يُعدُّ مرجعًا يستفيد منه الأدباء والمحرِّرون المحترمون في إعداد سيرةٍ تمتاز بمزيدٍ من التوثيق، وتكون أوفى وأعظمَ فائدةً من هذه إن شاء الله، وبهذه المناسبة نودُّ
Sayfalar: Sayfa 1, Sayfa 2, Sayfa 3, Sayfa 4, Sayfa 5, Sayfa 6, Sayfa 7, Sayfa 8, Sayfa 9, Sayfa 10, Sayfa 11, Sayfa 12
كليات رسائل النور
سيرة بديع الزمان سعيد النُّورْسِيّ
بلسانه وأقلام تلامذته
تأليف
بديع الزمان سعيد النُّورْسِيّ
ترجمة وتحرير
حسين عثمان – خليل جادو – محمد أبو الخير السيد
تدقيق وفهرسة
محمد بسام حجازي
وَبِهِ نَسْتَعِينُ
مقدِّمة
كتبَ هذه المقدِّمةَ عالِمٌ جليلٌ مقيمٌ بالمدينة المنوَّرة
[هو الأستاذ الجليل الشيخ علي عُلْوي قُوروجو، وهو أحد أبرز علماء تركيا وشعرائها في القرن الماضي، ولد بقونية عام 1922م، نشأ في بيت علمٍ وأدب، فتلقى العلم منذ نعومة أظفاره، واستكمل مسيرته العلمية بمصر، ثم أقام بالمدينة المنوَّرة وعمل بها مديرًا لمكتبة «عارف حكمت»، عاش معظم حياته خارج بلاده، والتقى بأبرز العلماء والدعاة والمجاهدين في العالَمَين العربي والإسلامي، توفي عام 2002م، ودُفِن بالبقيع، ترك عددًا من الكتب والدواوين باللغة التركية، أشهرها «المذكِّرات» في ثلاثة أجزاء؛ هـ ت].
حين يقرأ الإنسان سِيَرَ العظماء، ويطالع مناقبهم الرفيعة، ويتأمَّل في ذكرياتهم الأثيرة، يخالجه شعورٌ بأنه يدخل عالَمًا آخر، حيث تُلْهِبُ شُعلةٌ عُلْويةٌ فؤادَه بأحاسيس المحبة الصافية، ويَغمر الفيضُ الإلهي كيانَه.
ولقد حَفِظَ لنا التاريخ رجالًا يتضاءل أمام عظمتهم العظماء.. هم أبطالُ التاريخ ومفاخرُه، ما إنْ يُذكَروا حتى تسموَ الروح عن الأرض لتُحلِّقَ في عوالمَ رحيبة، ويَلُفَّها من الأعماق ألفُ شذًى، كأنها تشُقُّ طريقًا في خميلةِ وردٍ من عالَم الجِنان.
Sayfalar: Sayfa 1, Sayfa 2, Sayfa 3, Sayfa 4, Sayfa 5, Sayfa 6, Sayfa 7, Sayfa 8, Sayfa 9, Sayfa 10, Sayfa 11, Sayfa 12, Sayfa 13, Sayfa 14, Sayfa 15, Sayfa 16, Sayfa 17, Sayfa 18