المكتوب الثالث والعشرون

 ﺑِﺎﺳْﻤِﻪِ ﺳُﺒْﺤَﺎﻧَﻪُ

 ﴿ﻭَﺍِﻥْ ﻣِﻦْ ﺷَﻲﺀٍ ﺍِلا ﻳُﺴَﺒِّﺢُ ﺑِﺤَﻤْﺪِﻩُِ﴾

  ﺍﻟﺴـلاﻡ ﻋﻠﻴﻜﻢ ﻭﺭﺣﻤﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺑﺮﻛﺎﺗﻪ ﺃﺑﺪﺍً ﺑﻌﺪﺩ ﻋﺎﺷﺮﺍﺕ ﺩﻗﺎﺋﻖ ﻋﻤﺮﻙ ﻭﺫﺭﺍﺕ ﻭﺟﻮﺩﻙ.

ﺃﺧﻲ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﺍﻟﻐﻴﻮﺭ ﺍﻟﺠﺎﺩ ﺫﺍ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺨﺎﻟﺺ ﺍﻟﻔﻄِﻦ!

ﺇﻥَّ ﺃﻣﺜﺎﻟﻨﺎ ﻣﻦ ﺇﺧﻮﺍﻥ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻭﺍلآﺧﺮﺓ لا ﻳﻤﻨﻊ ﺍﺧﺘـلاﻑُ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﻭﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﻣﺤﺎﻭﺭﺗَﻬﻢ ﻭﻣﺆﺍﻧﺴﺘﻬﻢ، ﻓﺤﺘﻰ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺃﺣﺪُﻫﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﻭﺁﺧﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﻭﺁﺧﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﻭﺁﺧﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﻭﺁﺧﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺁﺧﺮ ﻓﻲ ﺍلآﺧﺮﺓ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳُﻌﺪّﻭﺍ ﻣﻌﺎً، ﻭﻳﻤﻜﻨﻬﻢ ﺃﻥْ ﻳﺘﺤﺎﻭﺭ ﺑﻌﻀﻬُﻢ ﻣﻊ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﺍلآﺧﺮ، ﻭلاﺳﻴﻤﺎ ﺇﻥ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻣﺠﺘﻤﻌﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﻏﺎﻳﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻭﻳﻌﻤﻠﻮﻥ ﻓﻲ ﻣﻬﻤﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻭﻭﺍﺟﺐ ﻭﺍﺣﺪ، ﺑﻞ ﺣﺘﻰ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﺣﺪُﻫﻢ ﻫﻮ ﻓﻲ ﺣُﻜﻢ ﻋﻴﻦ ﺍلآﺧﺮ.

ﺇﻧﻨﻲ ﺃﺗﺼﻮﺭﻛﻢ ﻣﻌﻲ ﺻﺒﺎﺡَ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ، ﻭﺃﻫَﺐ ﻟﻜﻢ ﻗﺴﻤﺎً ﻣﻦ ﻣﻜﺎﺳﺒﻲ، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺜﻠﺚ (ﻧﺴﺄﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻘﺒﻮﻝ) ﻓﺄﻧﺘﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻋﺎﺀ ﻣﻊ «ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻤﺠﻴﺪ» ﻭ«ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ»، ﻓﺘﻨﺎﻟﻮﻥ ﺣﻈﻜﻢ ﺩﻭﻣﺎً ﺇﻥ ﺷﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ.

ﻭﻟﻘﺪ ﺃﺛّﺮ ﻓﻲّ ﺑﻌﺾُ ﻣﺸﺎﻛﻠﻜﻢ ﺍﻟﺪﻧﻴﻮﻳﺔ ﻓﺘﺄﻟﻤﺖُ لأﻟَﻤِﻜﻢ. ﻭﻟﻜﻦ ﻳﺎ ﺃﺧﻲ ﻟﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﺧﺎﻟﺪﺓ، ﻭﺃﻥَّ ﻓﻲ ﻣﺼﺎﺋﺒﻬﺎ ﺧﻴﺮﺍً، ﻓﻘﺪ ﻭﺭﺩ ﺇﻟﻰ ﻗﻠﺒﻲ -ﺑﺪلا ﻋﻨﻚ- ﻋﺒﺎﺭﺓ «ﻛﻞ ﺣﺎﻝ ﻳﺰﻭﻝ» ﻭﺗﺪﺑّﺮﺕ ﻓﻲ: «لا ﻋﻴﺶَ ﺇلا ﻋﻴﺶُ ﺍلآﺧﺮﺓ» ﻭﺗﻠﻮﺕ: ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ (ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ:153) ﴿إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾ (ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ:156) ﻓﻮﺟﺪﺕ ﺳﻠﻮﺍﻧﺎً ﻭﻋﺰﺍﺀً ﺑﺪلا ﻋﻨﻚ.

ﻳﺎ ﺃﺧﻲ! ﺇﺫﺍ ﺃﺣﺐّ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺒﺪﺍً ﺟﻌﻞ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺗﻌﺮِﺽ ﻋﻨﻪ ﻭﺗُﺠﺎﻓﻴﻪ، ﻭﻳُﺮﻳﻪ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻗﺒﻴﺤﺔً ﺑﻐﻴﻀﺔً، ﻭﺇﻧﻚ ﺇﻥ ﺷﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺻﻨﻒ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﻤﺤﺒﻮﺑﻴﻦ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻠﻪ. لا ﺗﺘﺄﻟﻢ ﻣﻦ ﺯﻳﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﻮﺍﻧﻊ ﻭﺍﻟﻌﻮﺍﺋﻖ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﻮﻝ ﺩﻭﻥ ﺍﻧﺘﺸﺎﺭ «ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ». ﻓﺈﻥ ﻣﺎ ﻗﻤﺖ ﺑﻪ ﻣﻦ ﻧﺸﺮٍ ﻟﻠﺮﺳﺎﺋﻞ ﻟﺤﺪ ﺍلآﻥ، ﺇﺫﺍ ﺣﻈﻲَ ﺑﺮﺣﻤﺘﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺗﺘﻔﺘﺢ -ﺇﻥ ﺷﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ- ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻨﻮﻯ ﺍﻟﻨﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﻤﺒﺎﺭﻛﺔ ﺟﺪﺍً ﺃﺯﺍﻫﻴﺮ ﻛﺜﻴﺮﺓ.

ﺇﻧﻚ ﺗﺴﺄﻝ ﻋﺪﺩﺍً ﻣﻦ ﺍلأﺳﺌﻠﺔ، ﻭﻟﻜﻦ ﻳﺎ ﺃﺧﻲ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﺇﻥ ﻣﻌﻈﻢ «ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ» ﻭﻛﺬﺍ «ﺍﻟﻤﻜﺘﻮﺑﺎﺕ» ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺮِﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺁﻧﻴﺎً ﺩﻭﻥ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭ ﻣﻨﻲ، ﻭﻟﻬﺬﺍ ﺗﺼﺒﺢ ﺟﻤﻴﻠﺔً ﻟﻄﻴﻔﺔ. ﻭﻟﻮ ﻛﻨﺖُ ﺃﺟﻴﺐ ﻋﻦ ﺍلأﺳﺌﻠﺔ ﺑﺎﺧﺘﻴﺎﺭﻱ ﻭﺑﻌﺪ ﺗﺄﻣﻞ ﻭﺗﻔﻜّﺮ ﻭﺑﻘﻮﺓ ﻋﻠﻢ «ﺳﻌﻴﺪ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ» ﻳﺮﺩ ﺍﻟﺠﻮﺍﺏُ ﺧﺎﻓﺘﺎً ﺧﺎﻣﺪﺍً ﻧﺎﻗﺼﺎً. ﻭﻟﻘﺪ ﺗﻮﻗﻒ ﺗﻄﻠّﻊ ﺍﻟﻘﻠﺐ -ﻣﻨﺬ ﻓﺘﺮﺓ- ﻭﺧﺒَﺖْ ﺟﺬﻭﺓُ ﺍﻟﺤﺎﻓﻈﺔ، ﻭﻟﻜﻦ ﺳﻨﻜﺘﺐ ﺟﻮﺍﺑﺎً ﻓﻲ ﻏﺎﻳﺔ ﺍلاﺧﺘﺼﺎﺭ ﻟﺌـلا ﺗﺒﻘﻰ ﻫﺬﻩ ﺍلأﺳﺌﻠﺔ ﺩﻭﻥ ﺟﻮﺍﺏ.

ﺳﺆﺍﻟﻜﻢ ﺍلأﻭﻝ: ﻛﻴﻒ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﻓﻀﻞ ﺩﻋﺎﺀ ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ لأﺧﻴﻪ ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ؟

  ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ: ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺿﻤﻦ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺃﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﻘﺒﻮﻝ؛ لأﻥ ﺍﻟﺪﻋﺎﺀ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺴﺘﺠﺎﺑﺎً ﻭﻣﻘﺒﻮلا ﺿﻤﻦ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ، ﻭﺗﺰﺩﺍﺩ ﺍلاﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻛﻠّﻤﺎ ﺍﺟﺘﻤﻌﺖ ﺷﺮﻭﻁ ﺍﻟﻘﺒﻮﻝ. ﻓﻤﻨﻬﺎ؛ ﺍﻟﻄﻬﻮﺭ ﺍﻟﻤﻌﻨﻮﻱ؛ ﺃﻱ ﺍلاﺳﺘﻐﻔﺎﺭ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺸﺮﻭﻉ ﺑﺎﻟﺪﻋﺎﺀ، ﺛﻢ ﺫﻛﺮ ﺍﻟﺼـلاﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ صلى الله عليه وسلم ، ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺪﻋﺎﺀ ﺍﻟﻤﺴﺘﺠﺎﺏ، ﻭﺟﻌﻠﻬﺎ ﺷﻔﻴﻌﺔً ﻟﻠﺪﻋﺎﺀ، ﻭﺫﻛﺮ ﺍﻟﺼـلاﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ صلى الله عليه وسلم ﺃﻳﻀﺎً ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺘﺎﻡ، لأﻥ ﺩﻋﺎﺀً ﻭﺳﻂ ﺩﻋﺎﺀﻳﻦ ﻣﺴﺘَﺠﺎﺑﻴﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺴﺘﺠﺎﺑﺎً.

ﻭﺃﻥ ﻳﺪﻋﻮ ﺑﻈﻬﺮ ﺍﻟﻐﻴﺐ.

ﻭﺃﻥ ﻳﺪﻋﻮ ﺑﺎﻟﻤﺄﺛﻮﺭ ﻣﻦ ﺃﺩﻋﻴﺔ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ صلى الله عليه وسلم ، ﻭﻣﺎ ﻭﺭﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻣﻦ ﺃﺩﻋﻴﺔ.

  مـﺛﺎﻝ ﺫﻟﻚ:

﴿رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ (ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ:201)

   (ﺍﻟﻠّﻬﻢ ﺇﻧﻲ ﺃﺳﺄﻟﻚ ﺍﻟﻌﻔﻮ ﻭﺍﻟﻌﺎﻓﻴﺔ ﻟﻲ ﻭﻟﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍلآﺧﺮﺓ).. ﻭﺃﻣﺜﺎﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﺍلأﺩﻋﻴﺔ ﺍﻟﻤﺄﺛﻮﺭﺓ ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﺔ.

ﻭﺃﻥْ ﻳﺪﻋﻮ ﺑﺨﻠﻮﺹ ﺍﻟﻨﻴّﺔ ﻭﺧﺸﻮﻉ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻭﺣﻀﻮﺭﻩ.

ﻭﺃﻥْ ﻳﺪﻋﻮ ﺩُﺑُﺮ ﺍﻟﺼﻠﻮﺍﺕ ﻭلاﺳﻴﻤﺎ ﺩﺑﺮ ﺻـلاﺓ ﺍﻟﻔﺠﺮ.

ﻭﺃﻥْ ﻳﺪﻋﻮ ﻓﻲ ﺍلأﻣﺎﻛﻦ ﺍﻟﻤﺒﺎﺭﻛﺔ، ﻭلاﺳﻴﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺎﺟﺪ، ﻭﻓﻲ ﺃﻳﺎﻡ ﺍﻟﺠُﻤَﻊ ﻭلاﺳﻴﻤﺎ ﻓﻲ ﺳﺎﻋﺔ ﺍلإﺟﺎﺑﺔ، ﻭﻓﻲ ﺍلأﺷﻬﺮ ﺍﻟﻤﺒﺎﺭﻛﺔ   ﻭلاﺳﻴﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻴﺎﻟﻲ ﺍﻟﻤﺸﻬﻮﺭﺓ. ﻭﻓﻲ ﺷﻬﺮ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻭلاﺳﻴﻤﺎ ﻓﻲ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﻘﺪﺭ.

ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺪﻋﺎﺀ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﺸﺮﻭﻁ ﻳُﺮﺟﻰ ﻣﻦ ﺭﺣﻤﺘﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻘﺮﻭﻧﺎً ﺑﺎلاﺳﺘﺠﺎﺑﺔ.

ﻓﺬﻟﻚ ﺍﻟﺪﻋﺎﺀ ﺍﻟﻤﺴﺘﺠﺎﺏ ﺇﻣﺎ ﺃﻥ ﻳُﺮﻯ ﺃﺛﺮُﻩ ﺑﻌﻴﻨﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺃﻭ ﻳُﺴﺘﺠﺎﺏ لآﺧﺮﺓ ﺍﻟﻤﺪﻋﻮ ﻟﻪ ﻭﻟﺤﻴﺎﺗﻪ ﺍﻟﺨﺎﻟﺪﺓ.

ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺃﻧﻪ ﺇﻥ ﻟﻢ ﻳُﺮَ ﺍﻟﻤﻘﺼﻮﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻋﺎﺀ ﺑﺬﺍﺗﻪ، ﻓـلا ﻳُﻘﺎﻝ ﺇﻥَّ ﺍﻟﺪﻋﺎﺀ ﻟﻢ ﻳُﺴﺘَﺠﺐ ﺑﻞ ﻳُﻘﺎﻝ ﺇﻥَّ ﺍﻟﺪﻋﺎﺀ ﺍﺳﺘﺠﻴﺐ ﺑﺄﻓﻀﻞ ﺍﺳﺘﺠﺎﺑﺔ.

ﺳﺆﺍﻟﻜﻢ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ: ﻫﻞ ﻳﺠﻮﺯ ﺇﻃـلاﻕ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺍﻟﻜﺮﺍﻡ.

ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ: ﻧﻌﻢ.. لأﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻋﺎﺀ ﻟﻴﺲ ﺷﻌﺎﺭﺍً ﺧﺎﺻﺎً ﺑﺎﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺍﻟﻜﺮﺍﻡ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻓﻲ ﻋﺒﺎﺭﺓ (ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼـلاﺓ ﻭﺍﻟﺴـلاﻡ) ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺮﺳﻮﻝ صلى الله عليه وسلم.

ﺑﻞ لاﺑﺪ ﺃﻥ ﻳﻄﻠﻖ (ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ) ﻋﻠﻰ ﺍلأﺋﻤﺔ ﺍلأﺭﺑﻌﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻬﺪﻳﻦ، ﻭﺍﻟﺸﻴﺦ ﺍﻟﻜﻴـلاﻧﻲ، ﻭﺍلإﻣﺎﻡ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻲ ﻭﺍلإﻣﺎﻡ ﺍﻟﻐﺰﺍﻟﻲ ﻭﺃﻣﺜﺎﻟﻬﻢ ﻣﻤﻦ ﻫﻢ ﻣﻦ ﻭﺭﺛﺔ ﺍلأﻧﺒﻴﺎﺀ، ﻭﻓﻲ ﻣﺮﺗﺒﺔ ﺍﻟﻮلاﻳﺔ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ ﻭﻧﺎﻟﻮﺍ ﻣﻘﺎﻡ ﺍﻟﺮﺿﻰ.

ﻭﻟﻜﻦ ﺟﺮﻯ ﻋُﺮﻑ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺑﺄﻥ ﻳﻘﺎﻝ ﻟﻠﺼﺤﺎﺑﺔ ﺍﻟﻜﺮﺍﻡ؛ (ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻢ) ﻭﻟﻠﺘﺎﺑﻌﻴﻦ ﻭﺗﺎﺑﻌﻲ ﺍﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ؛ (ﺭﺣﻤﻬﻢ ﺍﻟﻠﻪ) ﻭﻣﻦ ﻳﻠﻴﻬﻢ (ﻏﻔﺮ ﺍﻟﻠﻪ) ﻟﻬﻢ ﻭﻟـلأﻭﻟﻴﺎﺀ؛ (ﻗُﺪﺱ ﺳﺮّﻫﻢ).

  ﺳﺆﺍﻟﻜﻢ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ: ﺃﻳَّﻤﺎ ﺃﻓﻀﻞ؛ ﺃﺋﻤﺔُ ﺍﻟﻤﺠﺘﻬﺪﻳﻦ ﺍﻟﻌﻈﺎﻡ ﺃﻡ ﺷﻴﻮﺥُ ﺍﻟﻄﺮﻕ ﺍﻟﺤﻘﺔ ﻭﺃﻗﻄﺎﺑﻬﺎ؟

ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ: ﻟﻴﺲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻬﺪﻭﻥ ﻛﻠُّﻬﻢ، ﺑﻞ ﺍﻟﻤﺠﺘﻬﺪﻭﻥ ﺍلأﺭﺑﻌﺔ -ﻭﻫﻢ ﺃﺑﻮ ﺣﻨﻴﻔﺔ ﻭﺍﻟﺸﺎﻓﻌﻲ ﻭﻣﺎﻟﻚ ﻭﺃﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺣﻨﺒﻞ- ﻫﻢ ﺍلأﻓﻀﻞ، ﻓﻬﻢ ﻳﻔﻮﻗﻮﻥ ﺍلأﻗﻄﺎﺏ ﻭﺳﺎﺩﺓَ ﺍﻟﻄﺮﻕ. ﻭﻟﻜﻦ ﺑﻌﺾ ﺍلأﻗﻄﺎﺏ ﺍﻟﻌﻈﺎﻡ ﻛﺎﻟﻜﻴـلاﻧﻲ ﻟﻪ ﻣﻘﺎﻡ ﺃﺳﻄﻊ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ، ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻞ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ، ﺇﻟّﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻔﻀﻴﻠﺔ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ ﻫﻲ ﻟـلأﺋﻤﺔ ﺍﻟﻜﺮﺍﻡ.

ﺛﻢ ﺇﻥ ﻗﺴﻤﺎً ﻣﻦ ﺳﺎﺩﺓ ﺍﻟﻄﺮﻕ ﻫﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺠﺘﻬﺪﻳﻦ ﺃﻳﻀﺎً، ﻭﻟﻬﺬﺍ لا ﻳﻘﺎﻝ ﺇﻥَّ ﺍﻟﻤﺠﺘﻬﺪﻳﻦ ﻋﺎﻣﺔ ﻫﻢ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﺍلأﻗﻄﺎﺏ، ﻭﻟﻜﻦ ﺍلأﺋﻤﺔ ﺍلأﺭﺑﻌﺔ ﻫﻢ ﺃﻓﻀﻞ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺍﻟﻜﺮﺍﻡ ﻭﺍﻟﺴﻴﺪ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ.

  ﺳﺆﺍﻟﻜﻢ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ: ﻣﺎ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﻣﻦ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ (ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ:153) ﻭﻣﺎ ﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﻣﻨﻬﺎ؟

  ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ: ﻟﻘﺪ ﻭﺿﻊ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ ﻭﺟﻮﺩ ﺍلأﺷﻴﺎﺀ ﺗﺪﺭﻳﺠﺎً ﻭﺗﺮﺗﻴﺒﺎً ﺃﺷﺒﻪ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺪﺭﺟﺎﺕ ﺍﻟﺴُّﻠَﻢ، ﻭﺫﻟﻚ ﺑﻤﻘﺘﻀﻰ ﺍﺳﻤﻪ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ، ﻓﺎﻟﺬﻱ لا ﻳﺘﺄﻧّﻰ ﻓﻲ ﺣﺮﻛﺎﺗﻪ، ﺇﻣﺎ ﺃﻧﻪ ﻳﻄﻔﺮ ﺍﻟﺪﺭﺟﺎﺕِ ﻓﻴﺴﻘﻂ ﺃﻭ ﻳﺘﺮﻛﻬﺎ ﻧﺎﻗﺼﺔ ﻓـلا ﻳﺮﻗﻰ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻘﺼﻮﺩ.

ﻭﻟﻬﺬﺍ ﻓﺎﻟﺤﺮﺹُ ﺳﺒﺐُ ﺍﻟﺤﺮﻣﺎﻥ، ﻭﺍﻟﺼﺒﺮ ﻳﺤﻞ ﺍﻟﻤﺸﺎﻛﻞ، ﺣﺘﻰ ﻏﺪﺍ ﻣﻦ ﻣﻀﺮﺏ ﺍلأﻣﺜﺎﻝ: «ﺍﻟﺤﺮﻳﺺ ﺧﺎﺋﺐ ﺧﺎﺳﺮ» ﻭ«ﺍﻟﺼﺒﺮ ﻣﻔﺘﺎﺡ ﺍﻟﻔﺮﺝ». ﺑﻤﻌﻨﻰ: ﺃﻥ ﻋﻨﺎﻳﺘﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻮﻓﻴﻘﻪ ﻣﻊ ﺍﻟﺼﺎﺑﺮﻳﻦ. ﺇﺫ ﺍﻟﺼﺒﺮ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺛـلاﺛﺔ:

ﺍلأﻭﻝ: ﺍﻟﺼﺒﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻌﺼﻴﺔ ﻭﺗﺠﻨُّﺒﻬﺎ، ﻓﻬﺬﺍ ﺍﻟﺼﺒﺮ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﻘﻮﻯ، ﻭﻳﺠﻌﻞ ﺻﺎﺣﺒَﻪ ﻣﺤﻈﻴﺎً ﺑﺴﺮّ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: ﴿أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ﴾ (ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ:194).

ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ: ﺍﻟﺼﺒﺮ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻤﺼﻴﺒﺔ، ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﺘﻮﻛﻞ ﻭﺗﺴﻠﻴﻢُ ﺍلأﻣﺮ ﺇﻟﻴﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ، ﻣﻤﺎ ﻳﺪﻓﻊ ﺻﺎﺣﺒَﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺸﺮﻑ ﺑﻘﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ﴾ (ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ:159) ﻭ﴿وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ﴾ (ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ:146).

ﺃﻣﺎ ﻋﺪﻡُ ﺍﻟﺼﺒﺮ ﻓﻬﻮ ﻳﺘﻀﻤﻦ ﺍﻟﺸﻜﻮﻯ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺘﺞ ﺍﻧﺘﻘﺎﺩ ﺃﻓﻌﺎﻟﻪ ﻭﺍﺗﻬﺎﻡ ﺭﺣﻤﺘﻪ ﻭﺭﻓﺾ ﺣﻜﻤﺘﻪ.

ﻧﻌﻢ، ﺇﻥ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﻀﻌﻴﻒ ﺍﻟﻌﺎﺟﺰ ﻳﺘﺄﻟﻢ ﻭﻳﺒﻜﻲ ﻣﻦ ﺿﺮﺑﺎﺕ ﺍﻟﻤﺼﻴﺒﺔ ﻭﻳﺸﻜﻮ، ﻭﻟﻜﻦ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﺸﻜﻮﻯ ﺇﻟﻴﻪ لا ﻣﻨﻪ، ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺳﻴﺪُﻧﺎ ﻳﻌﻘﻮﺏ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴـلاﻡ: ﴿إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ﴾ (ﻳﻮﺳﻒ:86) ﺃﻱ ﺷﻜﻮﻯ ﺍﻟﻤﺼﻴﺒﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻟﻴﺲ ﺍﻟﺸﻜﻮﻯ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺍﻟﺘﺄﻓﻒ ﻭﺍﻟﺘﺤﺴّﺮ ﻭﻗﻮﻟﻪ: «ﻣﺎﺫﺍ ﻋﻤﻠﺖ ﺣﺘﻰ ﺟﻮﺯﻳﺖُ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻤﺼﻴﺒﺔ» لإﺛﺎﺭﺓ ﺭﻗﺔَ ﻗﻠﻮﺏ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﻌﺎﺟﺰﻳﻦ. ﻓﻬﺬﺍ ﺿﺮﺭٌ ﻭلا ﻣﻌﻨﻰ ﻟﻪ.

  ﺍﻟﺼﺒﺮ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ: ﺍﻟﺼﺒﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ، ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺒﻠﻎ ﺻﺎﺣﺒُﻪ ﻣﻘﺎﻡ ﺍﻟﻤﺤﺒﻮﺑﻴﺔ، ﻓﻴﺴﻮﻕ ﺇﻟﻰ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﻌﺒﻮﺩﻳﺔ ﺍﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺃﻋﻠﻰ ﻣﻘﺎﻡ.

  ﺳﺆﺍﻟﻜﻢ ﺍﻟﺨﺎﻣﺲ: ﺇﻥَّ ﺍﻟﺨﺎﻣﺲ ﻋﺸﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﺮ ﻳﻌﺪّ ﺳﻦ ﺍﻟﺘﻜﻠﻴﻒ، ﻓﻜﻴﻒ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ صلى الله عليه وسلم ﻳﺘﻌﺒّﺪ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ؟.

ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ: ﻛﺎﻥ ﻳﺘﻌﺒّﺪ ﺑﺎﻟﺒﻘﻴﺔ ﺍﻟﺒﺎﻗﻴﺔ ﻣﻦ ﺩﻳﻦ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴـلاﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻇﻞ ﺟﺎﺭﻳﺎً ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺰﻳﺮﺓ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺗﺤﺖ ﺣُﺠﺐ ﻛﺜﻴﺮﺓ. ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﺘﻌﺒﺪ ﻫﺬﺍ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻋﻠﻰ ﺻﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﺮﺽ ﻭﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﺑﻞ ﻛﺎﻥ ﺗﻌﺒﺪﺍً ﺍﺧﺘﻴﺎﺭﻳﺎً ﻳُﺆﺩّﻯ ﻧَﺪﺑﺎً.

ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ، ﻟﺘﻈﻞ ﺍلآﻥ ﻣﺨﺘﺼﺮﺓ.

ﺳﺆﺍﻟﻜﻢ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ: ﻣﺎ ﺣﻜﻤﺔُ ﺑﻌﺜﺔ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ صلى الله عليه وسلم ﻓﻲ ﺳﻦ ﺍﻟﻜﻤﺎﻝ ﻭﻫﻮ ﺍلأﺭﺑﻌﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﺮ. ﻭﻣﺎ ﺣﻜﻤﺔُ ﺍﻧﺘﻘﺎﻟﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤـلأ ﺍلأﻋﻠﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻦ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻭﺍﻟﺴﺘﻴﻦ ﻣﻦ ﻋﻤﺮﻩ ﺍﻟﻤﺒﺎﺭﻙ؟

ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ: ﺣِﻜَﻤُﻬﺎ ﻛﺜﻴﺮﺓ. ﺇﺣﺪﺍﻫﺎ ﻫﻲ:

ﺇﻥَّ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ ﺗﻜﻠﻴﻒ ﺛﻘﻴﻞ، ﻭﻋﺐﺀٌ ﻋﻈﻴﻢ ﺟﺪﺍً، لا ﻳُﺤﻤﻞ ﺇﻟّﺎ ﺑﻌﺪ ﻧﻤﻮ ﺍﻟﻤَﻠَﻜﺎﺕ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﻭﻧﻀﻮﺟﻬﺎ ﻭﺗﻜﺎﻣﻞ ﺍلاﺳﺘﻌﺪﺍﺩﺍﺕ ﺍﻟﻘﻠﺒﻴﺔ. ﺃﻣﺎ ﺯﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻜﻤﺎﻝ ﻓﻬﻮ ﺍلأﺭﺑﻌﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﺮ.

ﺃﻣﺎ ﻓﺘﺮﺓ ﺍﻟﻔﺘﻮﺓ ﻭﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻓﺘﺮﺓ ﺗﻬﻴﺞ ﺍﻟﻨﻮﺍﺯﻉ ﺍﻟﻨﻔﺴﺎﻧﻴﺔ ﻭﻭﻗﺖ ﻏﻠﻴﺎﻥ ﺍﻟﺤﺮﺍﺭﺓ ﺍﻟﻐﺮﻳﺰﻳﺔ ﻭﺃﻭﺍﻥ ﻓﻮﺭﺍﻥ ﺍﻟﺤﺮﺹ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻓﻬﻲ لا ﺗـلاﺋﻢ ﻭﻇﺎﺋﻒ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻣﻘﺪّﺳﺔ ﻭﺃﺧﺮﻭﻳﺔ ﻭﺧﺎﻟﺼﺔ ﻟﻠﻪ ﻭﺣﺪﻩ. ﺇﺫ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ ﺟﺎﺩﺍً ﻭﺧﺎﻟﺼﺎً ﻗﺒﻞ ﺍلأﺭﺑﻌﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﺮ، ﻓﻠﺮﺑﻤﺎ ﻳﺮِﺩُ ﺇﻟﻰ ﺃﺫﻫﺎﻥ ﺍﻟﻤﺘﻄﻠﻌﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺸﻬﺮﺓ ﻇﻦٌ ﺑﺄﻧﻪ ﻳﻌﻤﻞ ﻟﺠﺎﻩ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻧﻴﻞ ﻣﻘﺎﻡ ﻓﻴﻬﺎ، ﻓـلا ﻳﻨﺠﻮ ﻣﻦ ﺍﺗﻬﺎﻣﺎﺗﻬﻢ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ. ﺃﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺍلأﺭﺑﻌﻴﻦ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻌﻤﺮ ﻳﻨﺤﺪﺭ ﺇﻟﻰ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﻘﺒﺮ ﻭﺗﺘﺮﺍﺀﻯ ﻟﻪ ﺍلآﺧﺮﺓُ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻓﻴﻨﺠﻮ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍلاﺗﻬﺎﻡ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ ﻭﻳﻮﻓّﻖ ﻓﻲ ﺣﺮﻛﺎﺗﻪ ﻭﺃﻋﻤﺎﻟﻪ ﺍلأﺧﺮﻭﻳﺔ ﻭﻳﻨﺠﻮ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﻦ ﺳﻮﺀ ﺍﻟﻈﻦ ﻭﻳُﻨﻘَﺬﻭﻥ.

ﺃﻣﺎ ﻛﻮﻥ ﻋﻤﺮﻩ ﺍﻟﻤﺒﺎﺭﻙ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺪ ﻗﻀﻲ ﻓﻲ ﺛـلاﺙ ﻭﺳﺘﻴﻦ ﺳﻨﺔ، ﻓﻤﻦ ﺣِﻜَﻤِﻪ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﺓ ﻧﺬﻛﺮ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻨﻬﺎ:

ﺇﻥَّ ﺃﻫﻞ ﺍلإﻳﻤﺎﻥ ﻣﻜﻠﻔﻮﻥ ﺷﺮﻋﺎً ﺑﺤﺐّ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍلأﻋﻈﻢ صلى الله عليه وسلم ﻏﺎﻳﺔَ ﺍﻟﺤﺐ ﻭﺑﺘﻮﻗﻴﺮﻩ ﻭﺍﺣﺘﺮﺍﻣﻪ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺃﻱ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﺁﺧﺮ، ﻭﺑﻌﺪﻡ ﺍﻟﻨﻔﻮﺭ ﻣﻦ ﺃﻱ ﺷﻲﺀ ﻳﺨﺼّﻪ، ﺑﻞ ﺭﺅﻳﺔ ﻛﻞ ﺣﺎﻝ ﻣﻦ ﺃﺣﻮﺍﻟﻪ ﺟﻤﻴﻠﺔً ﻧﺰﻳﻬﺔ. ﻭﻟﻬﺬﺍ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ لا ﻳﺪﻉ ﺣﺒﻴﺒَﻪ ﺍلأﻛﺮﻡ صلى الله عليه وسلم ﺇﻟﻰ ﻭﻗﺖ ﺍﻟﺸﻴﺨﻮﺧﺔ ﻭﺍﻟﻬﺮﻡ، ﻭﻗﺖ ﺍﻟﻤﺸﻘﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﺘﺎﻋﺐ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﻜﺜﺮ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺴﺘﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﺮ، ﺑﻞ ﻳﺮﺳﻠﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤـلأ ﺍلأﻋﻠﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻭﺍﻟﺴﺘﻴﻦ ﻣﻦ ﻋﻤﺮﻩ ﺍﻟﻤﺒﺎﺭﻙ، ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺍﻟﻌﻤﺮ ﺍﻟﻐﺎﻟﺐ ﻟﻤﺘﻮﺳﻂ ﺃﻋﻤﺎﺭ ﺃﻣﺘﻪ صلى الله عليه وسلم ﻭﻳﺮﻓﻌﻪ ﺇﻟﻰ ﻣﻘﺎﻡ ﻗُﺮﺑﻪ، ﻣُﻈﻬﺮﺍً ﺑﺬﻟﻚ ﺃﻧﻪ صلى الله عليه وسلم ﺇﻣﺎﻡٌ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ.

ﺳﺆﺍﻟﻜﻢ ﺍﻟﺴﺎﺑﻊ: «ﺧَﻴْﺮُ ﺷَﺒَﺎﺑِﻜُﻢْ ﻣَﻦْ ﺗَﺸَﺒَّﻪَ ﺑِﻜُﻬُﻮﻟِﻜُﻢْ ﻭَﺷَﺮُّ ﻛُﻬُﻮﻟِﻜُﻢْ ﻣَﻦْ ﺗَﺸَﺒَّﻪَ ﺑِﺸَﺒَﺎﺑِﻜُﻢْ». ﻫﻞ ﻫﺬﺍ ﺣﺪﻳﺚ ﻧﺒﻮﻱ؟ ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺣﺪﻳﺜﺎً ﺷﺮﻳﻔﺎً ﻓﻤﺎ ﺍﻟﻤﻘﺼﻮﺩ ﻣﻨﻪ؟.

ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ: ﻟﻘﺪ ﺳﻤﻌﺘُﻪ ﺣﺪﻳﺜﺎً ﻧﺒﻮﻳﺎً ﺷﺮﻳﻔﺎً. ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻤﻘﺼﻮﺩ ﻣﻨﻪ ﻓﻬﻮ:

«ﺇﻥ ﺧﻴﺮ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﻫﻢ ﺃﻭلاﺀ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻟﻢ ﻳﺘﻤﺎﺩَﻭﺍ ﻛﺜﻴﺮﺍً ﻓﻲ ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻠﻪ، ﺑﻞ ﻳﺘﺬﻛّﺮﻭﻥ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻛﺘﺬﻛّﺮ ﺍﻟﺸﻴﻮﺥ ﻟﻪ، ﻓﻴﺠﺪّﻭﻥ لإﻋﻤﺎﺭ ﺁﺧﺮﺗﻬﻢ ﻣﺘﺤﺮﺭﻳﻦ ﻣﻦ ﻗﻴﻮﺩ ﺃﻫﻮﺍﺀ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﻭﻧﺰﻭﺍﺗﻪ. ﻭﺷﺮّ ﺷﻴﻮﺧﻜﻢ ﻫﻢ ﺃﻭلاﺀ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻏﻔﻠﻮﺍ ﻋﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﺎﺳﺘﻬﻮﺗﻬﻢ ﻏﻔـلاﺕُ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ، ﻓﻘﻠّﺪﻭﻫﻢ ﻓﻲ ﺃﻫﻮﺍﺋﻬﻢ ﺗﻘﻠﻴﺪَ ﺍﻟﺼﺒﻴﺎﻥ».

ﺇﻥ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﺼﺤﻴﺤﺔ ﻟﻤﺎ ﺭﺃﻳﺘُﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺴﻢ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﻟﻮﺣﺘﻚ ﻫﻲ:

ﺇﻧﻨﻲ ﻗﺪ ﻋﻠﻘﺖُ ﻓﻮﻕ ﺭﺃﺳﻲ ﻟﻮﺣﺔً ﺗﺘﻀﻤﻦ ﺣﻜﻤﺔً ﺑﻠﻴﻐﺔ، ﺃﻧﻈﺮُ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺻﺒﺎﺡَ ﻣﺴﺎﺀ، ﻭﺃﺗﻠﻘﻰ ﺩﺭﺳﻲ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﻫﻲ:

  «ﺇﻥْ ﻛﻨﺖَ ﺗﺮﻳﺪ ﻭﻟﻴﺎً، ﻓﻜﻔﻰ ﺑﺎﻟﻠّﻪ ﻭﻟﻴﺎً».

  ﻧﻌﻢ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻫﻮ ﻭﻟﻴُّﻚ ﻓﻜﻞ ﺷﻲﺀ ﻟﻚ ﺻﺪﻳﻖ.

  «ﺇﻥْ ﻛﻨﺖَ ﺗﺮﻳﺪ ﺃﻧﻴﺴﺎً، ﻓﻜﻔﻰ ﺑﺎﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺃﻧﻴﺴﺎً».

  ﺇﺫ ﺗﻌﻴﺶ ﻓﻴﻪ ﻣﻊ ﺍلأﻧﺒﻴﺎﺀ ﻭﺍﻟﻤـلاﺋﻜﺔ ﻭﺣَﺴُﻦَ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺭﻓﻴﻘﺎً.

 «ﺇﻥ ﻛﻨﺖَ ﺗﺮﻳﺪ ﻣﺎلا، ﻓﻜﻔﻰ ﺑﺎﻟﻘﻨﺎﻋﺔ ﻛﻨﺰﺍً».

  ﻧﻌﻢ، ﺇﻥ ﺍﻟﻘﺎﻧﻊ ﻳﻘﺘﺼﺪ، ﻭﺍﻟﻤﻘﺘﺼﺪ ﻳﺠﺪ ﺍﻟﺒﺮﻛﺔ.

«ﺇﻥ ﻛﻨﺖَ ﺗﺮﻳﺪ ﻋﺪﻭﺍً، ﻓﻜﻔﻰ ﺑﺎﻟﻨﻔﺲ ﻋﺪﻭﺍً».

  ﺇﺫ ﺍﻟﻤُﻌﺠَﺐ ﺑﻨﻔﺴﻪ لا ﻣﺤﺎﻟﺔ ﻳﺮﻯ ﺍﻟﻤﺼﺎﻋﺐ ﻭﻳﺒﺘﻠﻰ ﺑﺎﻟﻤﺼﺎﺋﺐ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺍﻟﺬﻱ لا ﻳﻌﺠﺐ ﺑﻬﺎ ﻳﺠﺪ ﺍﻟﺴﺮﻭﺭ ﻭﺍﻟﺮﺍﺣﺔ ﻭﺍﻟﺮﺣﻤﺔ.

  «ﺇﻥ ﻛﻨﺖَ ﺗﺮﻳﺪ ﻭﺍﻋﻈﺎً، ﻓﻜﻔﻰ ﺑﺎﻟﻤﻮﺕ ﻭﺍﻋﻈﺎً».

  ﺣﻘﺎً ﻣﻦ ﻳﺬﻛﺮ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻳﻨﺠﻮ ﻣﻦ ﺣﺐ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻳﺴﻌﻰ لآﺧﺮﺗﻪ ﺳﻌﻴﺎً ﺣﺜﻴﺜﺎً.

ﻭﺍلآﻥ ﻳﺎ ﺃﺧﻲ ﺃﺯﻳﺪ ﻣﺴﺄﻟﺔً ﺛﺎﻣﻨﺔ ﺇﻟﻰ ﻣﺴﺎﺋﻠﻜﻢ ﺍﻟﺴﺒﻌﺔ ﻓﺄﻗﻮﻝ:

ﻗﺒﻞ ﻳﻮﻣﻴﻦ، ﺗـلا ﺃﺣﺪُ ﺍﻟﺤﻔﺎﻅ ﺍﻟﻜﺮﺍﻡ ﺁﻳﺎﺕ ﻣﻦ ﺳﻮﺭﺓ ﻳﻮﺳﻒ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴـلاﻡ ﺣﺘﻰ ﺑﻠﻎَ ﴿تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾ (ﻳﻮﺳﻒ:١٠١) ﻓﻮﺭﺩﺕْ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻠﺐ -ﻋﻠﻰ ﺣﻴﻦ ﻏﺮﺓ- ﻧﻜﺘﺔ ﻟﻄﻴﻔﺔ.

ﺇﻥَّ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺨﺺ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﺍلإﻳﻤﺎﻥ ﺛﻤﻴﻦٌ ﺟﺪﺍً ﻣﻬﻤﺎ ﺑﺪﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﺻﻐﻴﺮﺍً، ﺇﺫ ﻫﻮ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ﻭﺍلأﻫﻤﻴﺔ ﺛﻤﻴﻦ ﻭﻋﻈﻴﻢ.

ﻧﻌﻢ، ﻟﻴﺲ ﺻﻐﻴﺮﺍً ﻣﺎ ﻳُﻌﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﺍلأﺑﺪﻳﺔ، ﻓـلا ﻳﻘﺎﻝ: ﺇﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻜﺘﺔ ﺻﻐﻴﺮﺓ لا ﺗﺴﺘﺤﻖ ﺍلأﻫﻤﻴﺔ.

ﻓـلا ﺭﻳﺐ ﺇﻥ «ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺧﻠﻮﺻﻲ» ﻫﻮ ﺃﻭﻝ ﻣﻦ ﻳﺮﻳﺪ ﺍلاﺳﺘﻤﺎﻉ ﺇﻟﻰ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺴﺎﺋﻞ ﻓﻬﻮ ﺍﻟﻄﺎﻟﺐ ﺍلأﻭﻝ ﻭﺍﻟﻤﺨﺎﻃَﺐ ﺍلأﻭﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﺪّﺭ ﺍﻟﻨﻜﺖ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻴﺔ ﺣﻖ ﻗﺪﺭﻫﺎ. ﻭﻟﻬﺬﺍ ﻓﺎﺳﺘﻤﻊ ﻳﺎ ﺃﺧﻲ!

  ﺇﻧﻬﺎ ﻧﻜﺘﺔ ﻟﻄﻴﻔﺔ لأﺣﺴﻦ ﺍﻟﻘﺼﺺ

  ﺇﻥ ﺍلآﻳﺔ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗُﺨﺒﺮ ﻋﻦ ﺧﺘﺎﻡ ﺃﺣﺴَﻦ ﺍﻟﻘﺼﺺ، ﻗﺼﺔ ﻳﻮﺳﻒ، ﻭﻫﻲ: ﴿تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾ ﺗﺘﻀﻤﻦ ﻧﻜﺘﺔ ﺑﻠﻴﻐﺔ ﺳﺎﻣﻴﺔ ﻟﻄﻴﻔﺔ ﺗﺒﺸّﺮ ﺑﺎﻟﺨﻴﺮ ﻭﻫﻲ ﻣﻌﺠﺰﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ. ﻭﺫﻟﻚ:

ﺇﻥَّ ﺍلآلاﻡ ﻭﺍلأﺣﺰﺍﻥ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺘﺮﻛﻬﺎ ﺍﻟﺰﻭﺍﻝُ ﻭﺍﻟﻔﺮﺍﻕ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻨﺘﻬﻲ ﺇﻟﻴﻬﻤﺎ ﺍﻟﻘﺼﺺُ ﺍلأﺧﺮﻯ ﺍﻟﻤﻔﺮﺣﺔ ﻭﺍﻟﺴﻌﻴﺪﺓ، ﺗﻨﻐّﺺ ﺍﻟﻠﺬﺍﺋﺬ ﺍﻟﺨﻴﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﻤﺘﻌﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﻔﺎﺩﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺼﺔ ﻭﺗﻜﺪّﺭﻫﺎ، ﻭلاﺳﻴﻤﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺨﺒﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻭﺍﻟﻔﺮﺍﻕ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺫﺭﻭﺓ ﺍﻟﻔﺮﺡ ﻭﺍﻟﺴﺮﻭﺭ ﻭﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﺒﻬﻴﺠﺔ، ﻓﻴﻜﻮﻥ ﺍلأﻟﻢُ ﺃﺷﺪّ ﺣﺘﻰ ﺇﻧﻪ ﻳﻮﺭﺙ ﺍلأﺳﻒ ﻭﺍلأﺳﻰ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﺴﺎﻣﻌﻴﻦ.

ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻫﺬﻩ ﺍلآﻳﺔ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ ﺗﺨﺘﻢ ﺃﺳﻄﻊَ ﻗﺴﻢ ﻣﻦ ﻗﺼﺔ ﻳﻮﺳﻒ، ﻭﻫﻮ ﻋﺰﻳﺰُ ﻣﺼﺮ ﻭﺃﻗﺮّ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻴﻨَﻪ ﻭﻟﻘﻲ ﻭﺍﻟﺪﻳﻪ ﻭﺗﻌﺎﺭﻑ ﻭﺗﺤﺎﺏّ ﻫﻮ ﻭﺇﺧﻮﺗﻪ. ﻭﺇﺫ ﺗﺨﺒﺮ ﺍلآﻳﺔ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ ﻋﻦ ﻣﻮﺕ ﻳﻮﺳﻒ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍلأﺛﻨﺎﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻥ ﻳﻮﺳﻒ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴـلاﻡ ﻓﻲ ﺫﺭﻭﺓ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﻭﺍﻟﺴﺮﻭﺭ ﺗُﺨﺒﺮ ﺃﻥ ﻳﻮﺳﻒ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴـلاﻡ ﻧﻔﺴﻪ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺄﻝ ﺭﺑَّﻪ ﺍﻟﺠﻠﻴﻞ ﻭﻓﺎﺗَﻪ ﻟﻴﻨﺎﻝ ﺳﻌﺎﺩﺓً ﺃﻋﻈﻢ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺮﻓﻞ ﺑﻬﺎ. ﻭﺗﻮﻓﻲ ﻓﻨﺎﻝ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﻌﻈﻤﻰ. ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺃﻥ ﻣﺎ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﻘﺒﺮ ﺳﻌﺎﺩﺓً ﺃﻛﺒﺮ ﻭﻓﺮﺣﺎً ﺃﻋﻈﻢَ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻨﻌﻢ ﺑﻬﺎ ﻳﻮﺳﻒُ ﻭﻫﻮ ﺍلأﻧﻴﺲ ﺑﺎﻟﺤﻘﻴﻘﺔ. ﺇﺫ ﻃﻠﺐ ﺍﻟﻤﻮﺕَ ﺍﻟﻤﺮّ ﻭﻫﻮ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻟﺪﻧﻴﻮﻱ ﺍﻟﻤُﻔﺮﺡ ﺍﻟﻠﺬﻳﺬ ﻛﻲ ﻳﻨﺎﻝ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﻌﻈﻤﻰ ﻫﻨﺎﻙ.

ﻓﺘﺄﻣﻞ ﻳﺎ ﺃﺧﻲ ﻓﻲ ﺑـلاﻏﺔ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ ﻫﺬﻩ، ﻛﻴﻒ ﺃﺧﺒﺮ ﻋﻦ ﺧﺎﺗﻤﺔ ﻗﺼﺔ ﻳﻮﺳﻒ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻟﺨﺒﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻢ ﻳُﺜِﺮ ﺍلأﻟﻢَ ﻭﺍلأﺳﻒ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﺴﺎﻣﻌﻴﻦ، ﺑﻞ ﺯﺍﺩﻫﻢ ﺑﺸﺎﺭﺓ ﻭﺳﺮﻭﺭﺍً. ﻓﻀـلا ﻋﻦ ﺃﻧﻪ ﻳﺮﺷﺪ ﺇﻟﻰ ﺍلآﺗﻲ:

ﺍﻋﻤﻠﻮﺍ ﻟﻤﺎ ﻭﺭﺍﺀ ﺍﻟﻘﺒﺮ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﺤﻘﺔ ﻭﺍﻟﻠﺬﺓ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻫﻨﺎﻙ، ﺯﺩ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺑﻴَّﻦ ﻣﺮﺗﺒﺔ ﺍﻟﺼﺪﻳﻘﻴﺔ ﺍﻟﺮﻓﻴﻌﺔ ﺍﻟﺴﺎﻣﻴﺔ ﻟﺴﻴﺪﻧﺎ ﻳﻮﺳﻒ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴـلاﻡ، ﺇﺫ ﻳﻘﻮﻝ:

ﺇﻥَّ ﺃﺳﻄﻊ ﺣﺎﻟﺔٍ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺃﻛﺜﺮَﻫﺎ ﻓﺮﺣﺎً ﻭﺑﻬﺠﺔ ﻭﺳﺮﻭﺭﺍً ﻟﻢ ﺗﻮﺭﺛﻪ ﺍﻟﻐﻔﻠﺔَ ﻗﻄﻌﺎً ﻭﻟﻢ ﺗﻔﺘﺮﻩ، ﺑﻞ ﻫﻮ ﺩﺍﺋﻢ ﺍﻟﻄﻠﺐ ﻟـلآﺧﺮﺓ.

 ﺍﻟﺒﺎﻗﻲ ﻫﻮ ﺍﻟﺒﺎﻗﻲ

 ﺳﻌﻴﺪ ﺍﻟﻨﻮﺭﺳﻲ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *